د.حسام العتوم
يتزامن التأريخ و التاريخ , و الكلمات في عيد المئوية السياسية للدولة الأردنية , وعيد العلم الأردني – البيرق ,و الإرتباط بالثورة العربية الكبرى المجيدة وسط زمن معاصر عميق و عريق . فتاريخ 2 حزيران 1916 شكل إنطلاقة ليوم الثورة البانية التي إستهدفت إشادة دولة الأردن , و توحيد بلاد الشام , وبلاد العرب ,ومواجهة المد العثماني , والصهيوني , والإستعمارين الإنجليزي و الفرنسي عبر معاهدة سايكس- بيكو 1916 , ووعد بلفور 1917 . , و 11 نيسان 1921 هو عيد المئوية عبر تاريخ مشرف لملوك أربعة تباعا , عبد الله الأول المؤسس, و طلال صانع الدستور , والحسين الباني , و عبد الله الثاني المعزز. و 16 نيسان 1928 هو عيد علم الوطن الأردن الغالي , و التاريخ و الحاضر و المستقبل , عبر بوابة العبور الراسخة صوب مئوية جديدة بشموخ و إقتدار . ولعلمنا الوطني تاريخ مرتبط بالعمق السياسي للأردن , فقبل عام 1916 ارتبط اسم الأردن بالإمبراطورية العثمانية وبعلمهم , ومع حراك ثورة العرب الكبرى رفع الأردن علم الثورة , والذي هو علم مملكة الحجاز, وهو من دون نجمة, وفقط في عام 1928 أضيفت النجمة, وتوقف أمر العلم عام 1958 بسبب مشروع الوحدة الأردنية – العراقية لفترة من الوقت، وبعلم مؤقت. وبقيت سارية العلم خفاقة حتى يومنا هذا, وشهد عام 2003 أن رفرفت سارية علمنا الوطني في باحة الديوان الملكي الهاشمي العامر في رغدان بقياس عرضي حجمه 60 مترا وبمساحة 1800 , ورشح عام 2011 لدخول موسوعة غينيتس, وكان الأعلى ارتفاعا في سماء مباراة كأس آسيا لكرة القدم في الدوحة.
ودلالات علمنا الوطني الذي ندعو الله أن يبقى شامخا, عميقة , فا الأسود راية الدولة العباسية, والأبيض راية الدولة الأموية , و الأخضر راية آل البيت, و الأحمر راية ثورة العرب الكبرى، والنجمة السباعية رمزت لسورة الفاتحة في القرآن الكريم، ولجبال عمان السبع. وبناء على ماسبق ذكره أعتبر بلدي الأردن مرشحا لقيادة وحدة العرب من وسط المنطقة الشامية, ولا خيار أمامنا نحن العرب غير الوحدة الحقيقية لتتساوى كلمتنا مع أقطاب دول العالم وسط الحرب الباردة المشتعلة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 , والواجب أن لا نكون طرفا فيها و نحن ننتمي لدول عدم الإنحياز منذ عام 1955 بعد مؤتمر باندونغ بالارتكاز على أفكار( لال نهرو , و جمال عبد الناصر, وتيتو). والمعروف أن مساحة الوطن العربي هي الثانية على مستوى العالم بعد روسيا الاتحادية (أكثر من 14 مليون كيلومتر مربع مقابل أكثر من 17 مليون كيلومتر مربع), وإمكانات العرب الاقتصادية ضخمة إذا ما عرفنا بإمتلاكهم لـ 62% من احتياطي بترول العالم, و47 % من صادرات البترول العالمية, و54 تريليون متر مكعب احتياطي العرب من الغاز, وهو وجهة للحج الإسلامي في جزيرة العرب التي تشرفت بجهد رسولنا العظيم محمد صلى الله عليه وسلم في نشر الديانة الإسلامية السمحة, وللحج المسيحي في منطقة المغطس في الأردن حيث تعمد السيد المسيح علية الصلاة والسلام وبإعتراف الفاتيكان. وخيرات العرب عديدة لاتحصى لو تم توظيفها لصالح تطويق الأمية, والفقر , والبطالة , والتصحر , والصحراء , وشح المياه وتلوثها، والفساد .
يبقى ملك العرب وشريفهم الحسين بن علي – طيب الله ثراه- هو قدوتنا صوب الوحدة, وحامل شعلة الثورة عبر شعارها (الوحدة والحرية والحياة الفضلى), والعرب معنيون اليوم بإلالتفاف حول وحدتهم الحقيقية الفدرالية, وحول فلسطينهم, والدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقراري الأمم ألمتحدة 242338 , و الأمم المتحدة التي اعترفت بإسرائيل عام 1947 لم تعترف بإحتلالاتها لأراضي العرب عام 1967 , ولا بالمستوطنات اليهودية غير الشرعية فوقها. كتب سليمان الموسى في مؤلفه ” الحركة العربية –سيرة المرحلة الأولى للنهضة العربية الحديثة 1908 1924 . ص : 695 “إن الوثائق المتوافرة بين أيدينا تدل على أن الملك كان يتصور وحدة بين الأقطار العربية .. بحيث تتمثل في العلم الواحد, والنقد الواحد, وجوازات السفر الواحدة, والمصالح الاقتصادية الواحدة , والجيش الواحد “. وكتب الموسى في صفحة 72 منه نقلا عن الشريف حسين قوله: “يتمتع الأشراف بمنزلة سامية بين العرب والملسمين, فهم آل النبي محمد و أحفاده, وهم من قبيلة قريش ذات المكانة الرفيعة في التاريخ العربي و الإسلامي, وهم يعرفون أيضا بالهاشميين نسبة إلى هاشم الجد الأعلى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وطن مثل الأردن بنته ثورة, وجذوره ضاربة في عمق التاريخ وحضاراته من أشوريين, وبابليين, وفرس, ويونان, ورومان, وغساسنة , وقدم إليه الإسلام, (الأمويين والعباسيين), وقادته ملوك, ويقوده الملك عبدالله الثاني الشجاع لاخوف عليه. كتب عبد الرؤوف الروابدة في كتابه “هكذا أفكر – آراء ومواقف . ص. 17 “، كانت أرض الأردن حديقة غناء, وقد قارن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عمان والجنة إذ قال: “إن حوضي من عدن إلى عمان البلقاء, ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل”. وشجرة البقيعاوية في صفاوي محافظة المفرق شاهدة على استظلال رسولنا العظيم محمد صلى الله عليه و سلم تحت أغصانها. و يسجل للأمير الملك المؤسس صناعة صحافة الإستقصاء بتوقيع (ع), وهو الذي اغتيل عام 1951 على أبواب المسجد الأقصى في القدس, وللملك طلال إرساء دستور رصين للأردن, و للملك الحسين الراحل البناء بحجم سنوات الإستقلال 46 عاما تخللها استشهاد هزاع المجالي عام 1960 , وانتصار ساحق على إسرائيل في معركة (الكرامة) عام 1968 بجهد جيشنا العربي – الأردني, جيش الأسود, وقائده الميداني مشهورحديثة الجازي وبمشاركة أهل فلسطين من وسط الخندق الواحد، سجل بإسم كل العرب. واستشهد وصفي التل عام 1971, العاشق للأردن وفلسطين وللعروبة معاً، وتكرر النصر في حرب تشرين عام 1973 بمشاركة جيشنا العربي – القوات المسلحة الأردنية الباسلة بقيادة خالد هجهوج المجالي, واختارت إسرائيل بعد ذلك السلام معنا عام 1994 وعزفت عن حروبها مع الأردن منذ ذلك الوقت.
ولقد حقق الأردن في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني رفعة جديدة في مواصلة البناء الوطني على كافة المستويات بعد الرحيل الصعب لمليكنا العظيم الراحل الحسين طيب الله ثراه عام 1999, ورغم شح إمكانات الدولة الأردنية على مستوى المصادر الطبيعية, حافظ على إقليمي الباقورة والغمر سلة خير الوطن, وعاد العلم الأردني يرفرف عليهما بعد ربع قرن على اغترابهما في جوف معاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية الموقعة عام 1994, وتصدى بعنف وعبر علاقات الأردن الدولية، وتصدى لمشروع إسرائيل الفاشل الهادف عام 2020 لضم الغور الفلسطيني وشمال البحر الميت, و نجح في إجهاض المشروع بإقتدار, ووأده في مكانه بسبب تهديده المباشر وقتها لحل الدولتين, بينما ينادي الأردن بقيادة جلالته بضرورة إنصاف أهل فلسطين وقضيتهم العادلة, ولقيام دولتهم الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية. ونجح جلالته علانية في مواجهة صفقة القرن وضغوطاتها على الأردن المالية والسياسية، وتمسك بالوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس لحين قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.
وتمكن الأردن من تطويق الإرهاب الجبان الذي غزانا من خارج الحدود, وقدم الأردن الشهداء في الرقة, وإربد, والبقعة, وعمان, والسلط, والكرك, وتقدمهم الشهيد الطيار البطل معاذ الكساسبة عبر قصة استشهادية لم يعرفها تاريخ المنطقة من قبل لقسوتها. وكان جهازنا الأمني الجبار دائما في المرصاد بهمة فرسان الحق – العيون الحمر كما الجمر والتي لاتنام.
وواجه الأردن جائحة كورونا بهمة عالية, وحصل على اللقاح اللازم من مختلف دول العالم, وها هي اليوم أرقامها تتراجع وتبشر بالخير. وأصبحت قنوات الإعلام الأردنية متعددة تتنافس على السبق الصحفي ودقة الأخبار من مصادرها الأولية. وهي قادرة على دحض الإعلام المغرض القادم من خارج الحدود.