د.حسام العتوم
إسرائيل كيان شرير على شكل دولة ارهابية، أسست خيوطه الأولى صهيونية ثيودور هرتزل في مؤتمر بال المشهور في مدينة بازل السويسرية عام 1897. وجامل التوجه الزعيم السوفيتي الأذري الأصل جوزيف ستالين فدفع بيهودها إلى فلسطين بعدما رغب عام 1950 بشحنهم إلى القرم أو إلى سخالين، ولا وجود لهيكل سليمان الا في الخيال الإسرائيلي. ومدينة اليهود وتوراتهم هي بارابيجان الروسية، وانتشر غيرهم في أوروبا وفي أفريقيا ووسط بلاد العرب، وفي عمق التاريخ يهود الاشكناز نهاية الألفية الأولى في المانيا الغربية بقرب نهر الراين، وتوزعوا بين الرومان وبولندا. ولعبت محرقة “الهولوكست” التي وجهت من قبل النازية الالمانية لليهود ولشعوب السوفييت ودول التحالف دورا في تعاطف ستالين والجيش السوفيتي الأحمر مع اليهود وتصديرهم. وشكلت عصابات “الأرغون وشتيرن والهاغانا” الارهابية قاعدة صلبة لإنطلاقة ما يعرف اليوم بإسرائيل. وتمكنت من الالتفاف على الأمم المتحدة عام 1947 وانتزاع دولتها مقابل عرض دولة على العرب وهم يعرفون مسبقا رفضهم لها لقدسية فلسطين، والآن ترفض إسرائيل الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وتخطط لتصفية قضيتها عبر القتل المتعمد للفلسطينيين بهيئة حرب ابادة متكررة.
وإسرائيل ضالعة في حربي أوكرانيا 1922 – 1924 وفي حروبها مع العرب 1948- 2024، وسفيرها السابق في بيلاروسيا ألون شوهات يحارب وسط الجبهة الأوكرانية الغربية. والعدوانية ونشر الاستيطان والقتل والاعتقال والتعذيب ديدنها وسرديتها. والتحالف الأوروبي الأمريكي حوّلها لقوة نووية مؤسفة ووحيدة في الشرق الأوسط كما كشف لنا ذلك الخبير الإسرائيلي (مردخاي فعنونو) عام 1986 لكي لا يتمكن الشرق من دحرها وتفكيكها كما يتطلب الأمر الآن بعد تورطها في جريمة ابادة جماعية في غزة تنكرها تحت قبة محكمة العدل الدولية بلاهاي بهولندا بعد تحريك جنوب أفريقيا لشكوى ضدها مشكورة هذا العام 2024. والمجتمع الدولي مطالب بترحيل سلاح إسرائيل النووي إلى الخارج لضمانة أمن المنطقة .
وإسرائيل التي زرعها السوفييت في فلسطين نهاية الحرب العالمية الثانية 1945، وعمل الغرب الأمريكي على حمايتها حتى الساعة وبطريقة منحازة تشترك فيها بريطانيا ودول ” الناتو”، وفي الوقت الذي تتفرغ فيه إسرائيل في غزة والضفة الغربية للرد على رسالة حماس منذ السابع من أكتوبر 2023، وتتهمها بالداعشية والارهاب، رغم معرفتها المسبقة وتحالفها الغربي بأنها أي حماس حركة تحرر عربية إسلامية مناضلة ومدافعة عن تاريخ فلسطين، ومانعة للتهجير القسري ولما يسمى تضليلا بالوطن البديل. وليس صحيحا أن حماس راغبة بإبادة إسرائيل ولقد عدلت ميثاقها عام 2017 واعترفت بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية مع تجميد المستوطنات وضمانة حق العودة، والإبقاء على كل فلسطين جزءا من الضمير الفلسطيني والعربي والإسلامي والمسيحي.
لقد تحولت إسرائيل إلى بريد عسكري ولوجستي يرد على رسائل الفلسطينيين – مقاومة وسلطة ، والسوريين، والايرانيين، وحزب الله وجناحه في العراق، وعلى الحوثيين في اليمن الشقيق – أهل الفزعة. وتل أبيب الماكرة لم تعد تعرف النوم منذ السابع من أكتوبر المفاجيء والمرعب لها، وتوزع المهام العسكرية واللوجستية الاستخبارية على دول الناتو، وتتقدمهم أمريكا وبريطانيا، ويعكس الغرب الأمريكي فشله السياسي في ايجاد حلول ناجعة للقضية الفلسطينية ولقضايا العرب الاحتلالية، والعمل ذات الوقت على اعاقة ملف الحلول النهائية لها. ولقد شكل وضع العصا في دولاب الشأن الفلسطيني بالذات الأندفاع بإتجاه هبة حماس ،و تحت وطأة ومعادلة “الضغط يولد الإنفجار”، وتعمد خدش كرامة الفلسطيني المناضل القابض على الجمر، صاحب الأرض والقضية العادلة، والمواجه لإحتلال قذر لم يشهد التاريخ المعاصر مثيلا له .
لقد هرولت إسرائيل لعقد سلام متشعب مع العرب، مع مصر، والأردن، والإمارات، والبحرين، والمغرب بين عامي 1979 و2020، وعينها على السعودية الصيد الكبير. وفي المقابل لم تقدم خطوة واحدة باتجاه مغادرة الاراضي العربية التي احتلتها عام 1967 بعد خروجها من سيناء عام 1979 رغم القرار الدولي 242، وتبحث عن سلام بشروطها وليس على مقاس الدول العربية. وغزت قطاع غزة عدة مرات بعد هروبها منها عام 2005 في عهد أرائيل شارون، وشتت مشروع الدولة الفلسطينية، وأدارات ظهرها للقانون الدولي الصادر عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن، واستقوت على العرب بالولايات المتحدة الأمريكية الراعي غير النزيه لها. وتم ابعاد روسيا الاتحادية والرباعية الدولية عن دورهم الحقيقي في صناعة السلام المنشود في شرقنا. وتستمر إسرائيل في ممارسة وقاحة سياسية لم يعرفها زماننا من قبل، ويقود توجهها الساذج حزب الليكود المجرم في وضح النهار وتحت الشمس .
وتتبجح إسرائيل بأن جيش دفاعها النازي هو الأقوى، والقادر على فتح عدة جبهات مع العرب وايران بنفس الوقت حسب وزير دفاعها.
وشاهدنا كيف مرغت حماس أنفها في المقابل بالوحل في السابع من أكتوبر ، وقابلت هبة حماس بهجوم مضاد استهدف المدنيين الفلسطينين والتسبب حتى الساعة بإستشهاد 24 الفا منهم معظمهم من الاطفال وعن قصد وليس بطريقة عشوائية كما يروج اعلامها محترف التزوير المتعاون مع إعلام الغرب الأمريكي المخادع ، وهي حرب ابادة وجريمة حرب كبرى. وعينها على دول (الناتو) بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وتطلب الفزعة منهم بإستمرار، وجميعنا شاهدنا بوارج الغرب على سواحل غزة بداية الحدث الفلسطيني- الإسرائيلي الذي لم تذهب اليه حماس نزهة، وانما بعدما طفح الكيل، وتطاولت إسرائيل على الأقصى، واطلقت على هبتها إسم طوفان الأقصى، وانتصرت لخمسة وسبعين عاما من الاحتلال والتشريد والترويع والاعتقال والتعذيب. وتطاول أمريكي – بريطاني على الحوثيين في اليمن فقط لفزعتهم ووقفتهم القومية من وسط البحرين الأحمر والعرب مع شعب فلسطين الشقيق المنكوب. وكان بإمكان إسرائيل تغيير مسار سفنها البحرية حاملة التموين لها أو استبدالها بطائرات أمريكية عملاقة مدنية.
والخطوة التالية لإسرائيل هي نقل حربها مع أهل غزة والضفة الغربية، أهل فلسطين، أهلنا، لتصبح عربية – عربية عبر قصف اليمن، وادخاله في حالة احتراب مع الدول العربية المجاورة، والتوجه لتهجير الفلسطينيين لدول الجوار العربي قسرا، والإدعاء بأن العرب يرفضونهم، وتتطلع لمصطلح ” البديل ” وتفريغ فلسطين من أهلها واستبدالهم بشتات اليهود من شتى بقاع الارض.