رزان جعفر المومني
ثمة لحظات يقتنص فيها الغضب موضعًا ويُمنح العقل بُعدًا مؤلمًا ملفوفًا بالعجز والاستياء, مشهد لطفلات يحملن في أحشائهن أطفالا آخرين, بينما يبدو القهر والضعف والذل ظاهرًا في القلب والروح معًا, وعلى امتداد حدود الجسد يرتسم القهر جليًا في الوجوه الصغيرة البائسة ولسان حالها يقول أيُ عذاب هذا وهل من نهاية وخلاص.
صادفني في طريق ذهابي للعمل قبل أيام طفلة اجزم أنها لم تتجاوز الثالثة عشر تدخل الحافلة برفقة سارق طفولتها وجسدها معًا, تسير بجانبه خافضة الرأس “وبطنها يصل إلى حلقها” كما تصف المقولة الدارجة, بينما عيناه تجوس حولها مرتبكة خشية أن تنظر إلى غيره في الأرجاء كما يعتقد عقله المليء بالشكوك والظنائن
هذا وكانت دائرة قاضي القضاة كشفت قبل أيام عن تزويج 6 الاف طفلة في عام 2022 فقط وهو مؤشر مرعب وخطير يزج الفتيات في الأردن في خندق اغتصاب للطفولة والعقل والجسد في آن, وأن سكوت المشرعين عن هذه الانتهاكات الخطيرة بحق الطفولة سيضع علامة حمراء على وضع قضايا المرأة والطفل في الأردن وهو الذي لا نتمنى حدوثه.
في حين تجوس الأسئلة في راسي وتؤرقني فما المحبب في الزواج من طفلة وهل بناء الأسرة الناجحة في رأي هؤلاء يقام بأعمدة نصفها مهزوزة وضعيفة؟ والى أي مدى من الرجعية وصلت إليها تلك العائلات التي ترمي بطفلاتها في مقبرة زواج القاصرات وفي بيت زوجية مليء بالعنف والسوء والعقد النفسية والضحية الأولى والأخيرة هي الزوجة وأخجل أن أقول زوجة فهي سبيه طالتها غزوات الجهل والرجعية في مجتمعات تصر على التخلف كما تصر الشمس على الشروق.