سهير جرادات
كاتم الاسرار
اصبحت وظيفة كاتم الأسرار أو ما يعرف ” وظيفيا ” مدير المكتب، أو السكرتير، أو حامل الشنطة؛ في بعض القصص الحية التي شهدتها ساحتنا الأردنية مفتاحا للنجاح، والوصول إلى أعلى المناصب.
كلنا يذكر ذلك السكرتير الذي أصبح مديرا لجهاز حساس!!!! لأنه فقط كان مخلصا لرئيسه، الذي قَدر له هذا الاخلاص، وكانت المكافأة تسليمه ذلك “السلاح المهم”، ولا يخفى علينا ذلك السكرتير الذي نال جائزة اخلاصه، بمنحه درجة عليا برتبة وراتب وزير، والمشكلة أنه جلس على الكرسي وتركه، وهو لا يعي الخدمات التي تقدمها هذه الدائرة، أو حتى فهم طبيعة عملها، ولم يشارك بأي اجتماع يخصها، وكان دوره “البروزة الاعلامية”، وافتتاح المؤتمرات والتنظير على من يستقبلهم في مكتبه ، حيث كان الاتفاق أن يقوم المساعد بالمهام جميعها.
ونذكر أيضا ذلك السكرتير الذي تنقل مع رئيسه من جهاز لآخر، حتى انتهى به المطاف حاملا لحقيبة مهمة كونها تتعلق بفئة عزيزة علينا، وتلك السكرتيرة التي أصبحت وزيرة للأسباب التي قد تكون ذاتها.
وما زلنا نتذكر تلك الشخصية التي عُرف عنها خلال مسيرتها العملية في إحدى المؤسسات في مجال العلاقات العامة، وتمركز دورها في حجز المقاعد المخصصة المسؤولين والمتنفذين ومصاحبتهم إليها، وتوفير سبل الراحة لهم بمختلف أشكالها .
ولا ننسى من النماذج، تلك التي اوصلتها موهبتها الغنائية إلى جانب العزف على العود، إلى مراتب عليا، ومنهم من يجيد الغناء باللغة العربية ، وآخر بالانجليزية ، كما ان هناك بعض النماذج التي وصلت إلى أعلى المناصب لإجادتها طرح النكت، وإضحاك المسؤولين الأعلى منهم.
أسباب كثيرة تقف وراء اختيار مثل هؤلاء لهذه المناصب الرفيعة، ولا بد لنا من التعرف على طبيعة عملهم الأصلي المتمثل في إدارة شؤون الترفيه، وكتم الأسرار، خاصة تلك التي تتعلق بالحسناوات، وحمل الشنطة للمسؤول، والتستر على جميع أخطائه وزلاته اللسانية، وإتقان السير أمام المسؤول لفتح الأبواب له ، وإشعال سيجارته، وإمطاره بالمديح ، وإجادة “التذبذب والدهلزة” بطريقة تكتيكية .
وقد يكون اختيار مثل هؤلاء ….جزءا من اللعبة التي يلعبها المسؤول على الآخرين، فلا بد أن يكون “كاتم الأسرار ” ، مطلعا على أدق تفاصيل حياة المسؤول الشخصية، ويتستر على هفواته الاخلاقية ، ونزواته ومغامراته المكتبية ، وعلى دراية بفساده الاخلاقي قبل المالي ، إلى جانب لعب دوره الوسيط، أو قد يكون الشريك في كثير من الحالات .
لا ننكر أن تلك النماذج تمتلك قدرات خاصة ، في الكذب والحلف باطلا ، والتخلص من الأشخاص المزعجين ، والإخلاص لرئيسه وولي نعمته ، وما يميزه الهدوء العجيب ؛ فعلى قدر الهدوء تكون المكتسبات ، كما أن لهم قدرة خاصة في تحسين صورة المسؤول أمام من أعلى منهم، وكتم أسراره ما صغر منها وما عظم ، وحفظ زلاته اللسانية والجسدية، ويسهل عليه معرفة الاعداء من الأصدقاء، ويؤجر على تحمل سلاطة لسان مسؤوله ، وتقبله لأن يكون واجهة “للمسبات والبهادل”.
كل هذه الصفات والخدمات الجليلة التي يقدمها، تمكنه من اغتنام الفرصة، والمطالبة بمركز رفيع مقابل خدماته الجليلة ، ثمنا لسكوته على زلات ذلك المسؤول وأخطائه ، متيقنا أن طلبه مجاب، ولن يجرؤ المسؤول على رفضه ، فنجده في مواقع متقدمة من المناصب والمراكز، التي لم يستحقها لكفاءته وانما لكونه “كاتم أسرار” مسؤوله الكبير، وحامل الشنطة بكل ما تحوي بداخلها من أسرار خاصة جدا، كان قد اطلع عليها بحكم الوظيفة ، كيف لا…. وهو سكرتير شؤون الترفيه..