ايمان عكور
أينما نمشي في الشوارع التي لم نعتد ابدا ان نمشيها لأننا ببساطة شعب أغلبه كسول، نراهم يزينون الطرقات..
ببدلة العز المرقطة والطاقية ذات الشعار الذي نفخر به كأردنيين، يقف جنود الوطن في كل زاوية لا ليرعبوك، بل بالعكس كي تتنفس انت الصعداء ومن تحت الكمامة تقول:
يعطيكم ألف عافية.. نحن بفضلكم بألف خير.”
وعلى الجانب الآخر من الشارع تلمح وجها اسمر اللون، لوحته أشعة نيسان الخجولة، يقف بلباسه الكحلي ليطمئنك :
” لا عليك، أنا بخير، طالما هالوطن بخير.”
ولأول مرة كمواطن أردني، تعوّد على التذمر من رجل الأمن او الدرك، لأن العلاقة بينهما كانت عبارة عن مخالفة سير أو تنفيذ امر قضائي أو حتى تسلط لا مبرر له..
تراك تبتسم وأنت تشعر انك بأيدي أمينة.
لأول مرة تعود الهيبة لكل ما هو هيبة بعد ان غرقنا في موجة من الاتهامات والمناكفات التي لا نهاية لها.
وبعد ان كانت العلاقة مجرد انتقام كما كنا نحب أن نطلق عليها.
ولأول مرة.. تبدأ قصة حب من نوع جديد
بين الحكومة والشعب..
لم نكن من قبل نصدق أي من الكلام المعسول للحكومات مهما كان نوع وقيمة العسل..!
ازمة الثقة تعدت كل الخطوط، واصبحت علاقتنا مع الحكومة عبارة عن سلسلة فساد وخيانات وظلم وضرائب.. وطبعا كان هناك دوما مبررا لذلك..!
حاولت الحكومات على مدى عشرات السنين الاستعانة بخبراء مكياج اعلامي دوليين كي يجملوا حقيقتها التي يكرهها الشعب.!
حملات.. ولوحات اعلانية.. ومبادرات .. واغنيات وطنية.. ومنصات رقمية
لم يبقى الا ان تلجئ الحكومات ( للحُجُب)، ولربما فعلت دون ان ندري..!
إلى ان جاء كورونا.. كي يقدم لها الحل السحري على طبق من ذهب.
كورونا نسف محاولات التجميل الفاشلة
وصنع المعجزة..
خيوط ثقة لم تكن موجود اطلاقا
ولا في الأحلام.. تم نسجها
كي يكمل الشعب والدولة مشوارهما معا.
جهود رفَع العالم اجمعه لها القبعات.
دروس في التناغم الوطني ما بين الحكومة وكوادر الأمن والجيش وما بين الشعب
الجميع في خندق واحد.. لمواجهة عدو واحد
عدو يحاول ان يفتك بالوطن..!
الله عليك يا كورونا.. ما أروعك
صنعت ما عجزت عنه عقول مسؤولين ديجيتال وانالوج على مر سنين طويلة.
جعلت كل الأردن.. هو وطن
وكل الوطن.. هو الأردن
قد يتهمني من يصرون أن يروا فقط نصف الكأس الفارغ باني من جماعة المتملقين..
اقول لهم.. ادا كان الافتخار بالسيمفونية الوطنية التي يعزفها من يخاف على الوطن هي تملق.. فأنا اطالب ان امنح وسام التملق الأعلى.
تعودنا الا نرى إلا أخطاء الحكومة..
ونغض البصر عن أي إنجاز
وأنا نفسي من اكثر الناس انتقادا لكل ما هو ظلم واعوج اقترفته الحكومات بحق الوطن والمواطن المقهور..
لكن الآن.. اقف تحية فخر وتقدير وحب لكل ما هو أردني..
هل اخطأت الحكومة في سعيها للبحث عن طريق وسلاح لمواجهة الوحش الكوروني.!
نعم وكثير..!
هل حدثت ثغرات امنية او طبية او لوجيستية من قبل فريق الخلية..!
نعم وبعضها كلفنا الكثير..!
لكن.. كل تلك الثغرات والأخطاء مغفورة
ففريق الأزمة يجتهد ويسابق الزمن
ضد عدو اسلحته فتاكة متجددة..
نعم اخطأ في رهانه على بعض الأمور ومن ضمنها رهانه على أن كافة الشعب سيلتزمون بتعليمات الحظر وعدم الاختلاط والكشف او الإعلان عن الاصابة…
لان هناك من خذلوه
واعادوه باستهتارهم إلى المربع الأول..
وللأسف بعض اولئك كانوا ممن يفترض انهم قدوة في تطبيق النظام..!
لانهم ممثلون للشعب..!
لكنهم خذلوه..!
نعم اخطأوا عندما لم يحكموا القبضة الأمنية حد الاختناق علينا كي يختصروا طريق النجاة، وبالمقابل تحملت كوادرهم التعب والسهر وحتى خطر الاصابة كي يتركوا لنا بعض الحرية التي اساء كثيرون استخدامها بحجج اعتقدوها فوق القانون.
لكن.. رغم تلك الاخفاقات
اقول لكم.. لا بأس
ومن المنطق ان تغيب عنكم بعض الأمور
وان يتضرر البعض منا
وان يكون هناك مظلومين..
انتم تتعاملون مع عدو لا يعرف عنه أحد الا بالتجربة ومن خلال الوقوع في الغلط
لذلك نسمح لكم ان تغلطوا
طالما ان الغلط يتم تداركه والاعتراف بكل شفافية به.. والتعهد بعدم تكراره
الحرب ضد كورونا.. هي مجموعة تجارب
قد يصيب البعض منها
ويفشل البعض.
فلا عليكم.. معكم حتى آخر كورونا..!
انتم تتعاملون مع 10 مليون عقلية
10 مليون خلفية اجتماعية
10 مليون خلية ازمة
10 مليون محلل ومنظر وسياسي
كل يرى الامر بطريقته من داخل منزله
و معظمهم لا يعلم كيف يدير أسرته المكونة من 5 أفراد..!
44 يوم منذ ظهور اول حالة كورونا في الأردن …لولا الجهود الجبارة التي بذلت
لكنا نتحدث عن الالاف من الإصابات الآن …
انجاز عظيم غير مسبوق باي مكان ،دعونا لا نفسده باصابات هنا وهناك ،،،
دعونا نتفاخر ان عدد الذين شفوا من الفيروس هم مقياس قصة النجاح هذه..!
شكرا كورونا.. صنعت للأردن مجدا جديدا
نتمنى ان نحافظ عليه بعد ان تغادرنا وتنتهي زيارتك..
جعلت كل أردني.. حتى من لا يرى إلا اللون الاسود في نظرته للأمور، جعلته يرفع راسه لأنه أردني..!
تحية لعهد الحب الجديد
ما ببن الشعب والحكومة..!