الدكتور عبدالمهدي القطامين
منذ بدأت هذه الحكومة التي يقودها الدكتور عمر الرزاز اعمالها كان ثمة ما يريب في قراراتها تجاه الادارة العامة الاردنية التي تلقت العديد من اللطمات والضربات بحجة الترشيق الاداري وعلى الرغم انني كنت اول المتفائلين بان هذه الحكومة ستكون علامة فارقة في مسيرة الحكومات الاردنية المتتالية نظرا لعدم تكوين الصورة الكافية عن رئيسها القادم من خارج الاطار الكلاسيكي لرؤساء الحكومات الاردنية وبدا ان الرجل استطاع ابراز صورته في البداية كمصلح اجتماعي وثقافي عبر سلسلة من اللقاءات التي اجراها مع العديد من مكونات المجتمع الاردني وقطاعاته في بداية عمر حكومته الا انني وبعد قرب مرور عامين على تشكيل الحكومة اجدني مضطرا لاعادة النظر في هذا الاصلاح الاجتماعي الذي نادى به والنهضة التي تغنى بها ولدي الكثير من الاسباب المقنعة التي تؤكد ضرورة اعادة هذا النظر تحت واقع الحال وليس تحت رغبات التمني .
ما يعنيني هنا ما تلقته الادارة العامة الاردنية من ضربات موجعة اطاحت بالكثير من الكفاءات الادارية دون اسباب مقنعة باستثناء عملية الترشيق التي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير فحدث افراغ للكفاءات الادارية من سلسلة الدولة البيروقراطية عبر الاحالات على التقاعد بالجملة بحوافز وبدون وهذه الاحالات طالت قيادات الصف الاول دون توفر البديل الذي يشغل الموقع والغريب في الموضوع ان الحكومة عمدت الى اشغال مراكز ادارية متقدمة من خلال كفاءات تجاوزت عمر الستين وهي الحجة التي كانت تطلقها الحكومة وفق حسابات لم تكون شفافة ولا نزيهة على اية حال .
مع بداية العام الحالي اعلنت الحكومة عن استكمال خطة الترشيق المزعومة واستكمال اجراءات قتل جهاز الدولة الاداري عبر التلويح بسيناريو جديد مفاده التوجه نحو احالة كل من امضى عشرين عاما في مظلة الضمان الاجتماعي الى التقاعد المبكر وكذلك احالة كل من امضى خمسة وعسرين عاما على نظام التقاعد المدني وهذا الامر ان تم سيكون قتلا غير رحيم وممنهجا لقطاع واسع من ابناء المجتمع الاردني فمن امضى عشرين عاما في مظلة الضمان الاجتماعي سيكون عمره على افتراض انه خريج جامعة 42 عاما اي يعني انه في بداية شبابه تماما وبداية التزاماته تجاه اسرته تعليما ومعيشة وتكاليف حياة وكل هذه الحسابات يبدو ان الحكومة تغض عنها الطرف فهي حكومة بلا قلب كما يبدو وهي حكومة رقمية تعامل البشر على انهم مجرد ارقام عابرة في حين ان محاسيبها يعاملون معاملات تليق بهم فيأتون ويروحون كما يشاءون وسط صمت مذهل من اجهزة الرقابة المعنية بهذا الامر .
هل اصبحت الاطاحة بحكومة الرزاز ضرورة شعبية اظن ان الامر كذلك ويبدو ايضا ان بقاء هذه الحكومة اصبح كابوسا على عامة موظفي الدولة وعلى شاغلي الوظائف القيادية فيها فثمة المزيد من الاصدقاء سيتم تنزيلهم من الجو على مواقع محجوزة لهم سلفا واقول يكفي تشدقا بالشفافية وبدولة الانتاج التي لم نرى منها الا قتل الناس بدم بارد ومحاربتهم في ارزاقهم .