امجد فاضل فريحات
نتائج الأردن في تقييم الطلبة بالبرنامج الدولي(PISA)واقع ودلالات.
وهو عبارة عن مجموعة من الدراسات التي تشرف عليها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية كل ثلاثة أعوام بهدف قياس أداء الأنظمة التربوية في البلدان الأعضاء وفي بلدان شريكة. وهي تعتمد على معايير موحدة مثل تساوي أعمار الطلاب ( 15عاما فقط) وتماثل الأسئلة التطبيقية، وتحييد عوامل التاريخ والثقافة المحلية (حيث لا يتم إجراء اختبارات في التاريخ أو اللغة أو الدين مثلا).
يطبق اختبار البرنامج الدولي لتقييم الطلبة بصفة عامة كل ثلاث سنوات . ويتم التركيز بنسبة عالية في كل دورة على أحد الفروع الثلاثة ( القراءة – أو الرياضيات – أو العلوم ) . حيث كان التركيز على القراءة سنة 2000 وعلى الرياضيات سنة 2003 وعلى العلوم سنة 2006 . وتعلن النتائج في العام التالي . * بدأت أول مسابقة 2000م بمشاركة 43 دولة والثانية عام 2003م بمشاركة 41 دولة والثالثة عام 2006م بمشاركة 57 دولة شاركت فيها فقط 3 من الدول العربية (الأردن – قطر – تونس ) التي جاءت جميعها ضمن الدول التي احتلت مؤخرة الترتيب في مواد الاختبار الثلاثة، لكن مع تميز بسيط للأردن. وتقدمت للمشاركة عام 2009م 62 دولة . – مدة الاختبار ساعتين – الاختبار عبارة عن أسئلة من نوع الاختيار من متعدد وأسئلة مقالية وزمن الاختبار بكل فروعه (7) ساعات . * عدد الطلاب الذين يطبق عليهم الاختبار ما بين 4500 و 10000 طالب في كل بلد .
وجاءت نتائج الدول العربية التي شاركت في الاختبار في دورته الأخيرة اقل من المتوسط العالمي للمنظمة. حيث شاركت كل من الأردن وقطر والسعودية والامارات وفلسطين والمغرب في الاختبار، حيث جاءت الامارات بالمرتبة 46 على المستوى العالمي والأولى عربيا، وجاءت قطر بالمرتبة 48 عالميا والثانية عربيا، وجاءت السعودية بالمرتبة 64 عالميا والثالثة عربيا، وجاءت فلسطين بالمرتبة 72 عالميا والرابعة عربيا وجاءت الأردن بالمرتبة 75 عالميا والخامسة عربيا وجاءت المغرب بالمرتبة 76 عالميا والسادسة عربيا.
هذه أرقام من نتائج الدراسة الدولية ونتيجة الأردن التعليمية كانت بتراجع وانحدار شديدين مقارنة مع الدورات السابقة للدراسة الدولية والتي جاءت هذه المرة بالمرتبة٧٥عالميا من أصل ٨١ دولة مشاركة وبالمرتبة ٥ عربيا من أصل ٦دول عربية مشاركة.
هذا الأمر يجب أن يستقيل على أثره وزيرالتربية والتعليم وكل القيادات التربوية التي تقف خلف هذا الملف وانا لا أحمل المسؤولية في التراجع لهم وحدهم بل قائمة المسؤولية طويلة وتطال وزراء تربية سابقين وكبار المنظرين في الوزارة والميدان في هذا المجال. نظرا للتراجع الكبير في هذا المجال فإن المسؤلية تتوزع عبر سنوات طوال من واضعي التشريعات التربوية العقيمة والتي تستهدف بمجملها المعلم عن طريق إثقال كاهلة بالواجبات التي لايستطيع اكمالها في مدرسته ليضطر لأخذها لبيته ناهيكم عن إستحداث وحدات داخل الوزارة مثل وحدة ضبط الجودة والمساءلة والتي لم تقدم للتعليم وتقدمه إلا القليل وللحقيقة أن السبب في هذا يعود إلى أن الوحدة افرغت من المعنى الذي وجدت من أجله وهو ضبط الجودة في التعليم بدلا من المساءلة وكذلك من عوامل الضعف لهذه الوحدة هو ربطها مع وزير التربية مع أن الأصل أن تكون مستقلة وغير تابعة حتى يكون لها القدرة المهنية في العمل لا أن تكون تابعة وتتلقى تعليماتها من داخل مربع ضيق.
كذلك تصفية العديد من القيادات التربوية والكفاءات المبدعة في وزارة التربية سواء بالنقل أو الإحالة على الإستيداع أوالتقاعد المبكر حتى تتهرب الوزارة من مسؤولياتها في العمل التربوي وبهدف الاستجابة لضغوط جانبية تملى عليها من هنا وهناك لابل وتقوم بعدها باستبدال العديد من المواقع التربوية ببعض القادة الهزيلين والذين لايمتلكون من منصبهم الذي جلسوا عليه سوى الجهة التي اوصت بهم واوصلتهم بعد أن كانوا على وشك الرحيل من الخدمة ولكن بقدرة قادر أصبحوا في المواقع المتقدمة، وبالمحصلة النهائية أنه تم زرع قيادات تربوية ضعيفة ناهيكم عن غياب الإهتمام من قبل المجالس التربوية مما ادى في النهاية إلى حصاد النتائج السلبية.
في السابق استحدثت الوزارة الفاقد التعليمي حتى تعالج الهوة التعليمية للطلبة التي وقعت بها نتيجة التعلم عن بعد أن غزا فيروس الكورونا العالم. ووزارة التربية تضع هذا العائق كسبب للنتيجةالمتأخرة التي حصلت عليها في الإختبار الدولي ، وإذا اعتبرنا ذلك صحيحا فكيف تخطت تلك الدول التي حصلت على المراكز المتقدمة في الإختبار الدولي وبظل وجود هذا المرض، لابل كان موضوع الفاقد التعليمي في الأردن على حساب المادة الدراسية والتي تأخر المعلمون في تقديمها بالوقت المحدد لأنهم لم يتمكنوا من الإنهاء فكان أحدهم على حساب الآخر فضاع الهدف الحقيقي وهو تعويض الطلبة ليدخل الطلبة إلى فاقد آخر.
المناهج وتاليفها لماذا لاتبنى على اساس المحتوى والمهارات التي تحاكيهاالإختبارات الدولية، وتدريب المعلمين والطلبة على محاكاة هذه الإختبارات.
إن الإخفاق الكبير لطلبتنا في الإختبارات الدولية تجمعت أسبابه عبر فترات طويلة حيث اتصل الإخفاق بالسياسات ومن يوجه بها، ومن يديرها، ومن يتابع حسن تنفيذها المنحرف عن هدف النظام التربوي التعليمي الأساسي لأن هدف النظام بالأساس هو الطالب في شخصيته، وقيمه، وتفكيره، والمهارات التي يكتسبها، ويتمكن منها، وتخدمه في العيش في المستقبل بطرائق ناجحة وفعاله، ولكن مايحصل لدينا هو أننا نكتفي بحفظ المحتوى وتسميعه، وتفريغه في اوراق الإختبارات، وعلى رأس هذه الإختبارات إختبار التوجيهي لذلك تم الإخفاق بالإختبار العالمي بجداره، وهذه الحقيقة لايريد أن يراها أو يعرفها أصحاب القرار الذين لايعرفون من الأمور التربوية إلا مايبقيهم متمسكين بما يملى عليهم من البقاء وماتبقى من مهارات مختلفة لايتقنوها ولا يقدمونها لطلبتهم لأنها متعبة بالنسبة لهم.
كل وزير يستلم وزارة التربية يدرك ويصرح أن نظام التعليم في البلاد يحتاج إلى إصلاح وأنه بحاجه إلى إصلاحات هيكلية ولكن للأسف تبقى هذه الإصلاحات مرتبطة مع الوزير ومكتبة وبحال تغيير الوزير يتم تغيير النهج فورا، وكأن التغيير والإصلاح التربوي مرتبط بشخص الوزير.
أما المعلمون والذي يشير من يريد الإصلاح إلى أنهم أحد أسباب الخلل نتيجة عدم تطبيقهم لإستراتيحيات التعليم
وتناسى من تحدث عن ذلك أن هناك ١٠٠٠٠ معلم على حساب التعليم الإضافي والذين لايقدمون نفس الجودة التعليمية التي يقدمها المعلم الرسمي. وحتى جامعتنا لاتخرج معلمين فيزياء ورياضيات وكيمياء بل تخرج الفيزيائي والرياضي والكيميائي وبالتالي تلجأ الوزارة إلى تدريب المعلمين الجدد اولذي يستغرق الوقت الطويل والمال الكثير ويكون في كثير من الأوقات على حساب المدارس وتجهيزها وصيانتها وتحسين مصادرالدخل للمعلم الذي أثقل كاهله كل شي.
وخلاصة الكلام في الموضوع، لا بد من الوقوف عن مفاصل العملية التعليمة في الأردن ، واجراء الدراسات التشخيصية الدقيقة والمتخصصة من أصحاب الرؤية الاستشرافية الخبرة والكفاية، لإعادة النظر في السياسات التربوية التي أوصلتنا إلى تذيل النتائج الدولية في مؤشرات جودة التعليم.، واعادة النظر في البرامج والمشاريع في الخطة الاستراتيجية لانقاذ ما يمكن انقاذه من هذا الوضع ، وخلق البيئة المناسبة التي تمكن كل العاملين من تحقيق أداء تربوي منتج وفعال، وعليهم وضع الخطط الكفيلة بتطوير كل مفاصل العمل التعليمية، وأيضا العمل مع المؤسسات التعليمية والخاصة والمجتمعية للمشاركة في وضع الخطط وتحمل مسؤوليات ناهيك عن تفعيل أدوار القائمين على العملية التعليمية الفنية ، واسس اختيارهم وتعيينهم فلا يعقل تعيين اداريين في مواقع ادارية متقدمة لم يدخلوا الغرف الصفية ليشرفوا على الجوانب التعليمية ، كما يجب على القائمين على الإدارة التعليمية بذل المزيد من الجهود لمتابعة الميدان التربوي وتفعيل دور كوادره ، ووضع الخطط المستقبلية بعد اعادة دراسة جدوى المشاركات المستقبلية رغم اهمية المشاركة واثرها على تطوير النظام التعليم لكن دون التحضير والاستعداد ودون تحديد الادوار والمسؤوليات وأدوات المساءلة للمعنيين عليهم التفكير بذلك ، كما عليهم الاستماع للرأي الآخر الذي يصب بمصلحة العملية التعليمية والنظام التعليمي للأردن في ظل ما تصبو اليه الرؤية الاقتصادية وخطط الوزارة الاستراتيجية في ظل التطورات التكنلوجية والتربوية المتقدمة.كما عليهم الاستفادة من ملخصات السياسات وما تقدمه التقارير الوطنية من توصيات واجراءات والتي يعدها المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية ووضع الخطط الكفيلة بتنفيذها كما عليهم الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة والتي حققت مراكز متقدمة وتحليل نتائجها والاستفادة من هذه النتائج بعد تحليل مؤشراتنا في هذه الدراسة والتي تنذر بالخطروعلينا الامتثال لاجراءات الدول المتقدمة في هذا الاختبار فلايعقل ان اكثر من ٥٢% من الطلبة الأردنيين يعانوا من فقر التعلم والتصريح هذا كان للبنك الدولي، وكما صرح وزير التربية الحالي أن هناك طلبة في الصف العاشر لا يعرفون القراءة ولا الكتابة. وبالتالي وصلنا لمرحلة أن العديد من الطلبة لا يفهمون ما يقرأون في هذه المرحلة العمرية من الزمن.
لا يوجد أدني شك من أن جميع محاولات الاصلاح التي تمت قد حافظت في الماضي القريب على ادامة النظام التعليمي وخاصة في معدلات الالتحاق بالتعليم الاساسي والتكافوء بين الجنسين وغيرها إلا أنه من المهم التركيز على كفاءة النظام الداخلي وتحسين عملياته ومعالجة جوانب الضعف الفني والإداري في النظام وزيادة دافعية لدى بعض المعلمين والطلبة ، والبعد عن التجاذبات التي اوصلت النظام التعليمي لهذا الحال من ضعف في كفاءته الداخلية والخارجية للنظام وهذا ما اكده انخفاض ترتيب الأردن في مؤشر المعرفة العالمي ، وما اشار اليه تشخيص اللجنة في ضعف القدرة المؤسسية ، وارتفاع التسرب وانخفاض معدل الالتحاق في المراحل كافة خاصة المرحلة الثانوية والجامعية ، وضعف التعليم والتدريب المهني والتقني، وضعف برامج إعداد المعلمين ، وضعف المخرجات ولمواءمة مع سوق العمل ،وانخفاض معدل المساهمة في الناتج المحلي الاجمال ناهيك عن ضعف نظام الحكومة لعملية النظام بفعل التجاوزات والممارسات التي كانت تتم نتيجة عوامل داخلية من الوزارة نفسها اوعوامل خارجية بسبب مراكز النفوذ والمتنفعين مما اثقل كاهل النظام التعليمي بالكثير من المشكلات والتحديات التي تحتاج الى اعادة الحياة لهذا النظام .