هيثم المومني
اثناء رحلتي الاخيرة الى البتراء وتحديداً على قمة جبل المعبد شدتني مشادة كلامية بين اجنبي وأحد زائري البتراء الاردنيين، يطالب فيها الاجنبي بعصبية الزائر بعدم القاء النفايات على الارض، ويقابله الزائر الاردني بضحكة بلهاء وعدم اكتراث للاسف الشديد. ومن هذا المشهد سأبني مقالتي، فاغلبنا شاهد هذا المشهد اثناء تعاملنا مع الاجانب وشاهدنا حرصهم على ان لا يرموا القمامة الا في الاماكن المخصصة لها حتى لو كان هذا المكان بعيد. فهل هذا بسبب ان اخلاقهم اعلى من اخلاقنا، ام ان هناك سبب اخر قوي اجبرهم على الالتزام بعدم رمي النفايات على الارض واستهجان رؤية احدهم يقوم بهذا الفعل الشنيع.
انا شخصياً لا اعتقد ان الاخلاق وحدها هي السبب الرئيسي لامتناع الاجنبي عن رمي النفايات الا في الاماكن المخصصة لها او استهجانه لرؤية احدهم يقوم بذلك، وانما يعود هذا الالتزام بعدم رمي النفايات الا في الاماكن المخصصة الى انه يوجد في بلده قوانين مغلظة تمنعه من القيام بذلك وتغرمه مالياً، وهذه القوانين ليست جديدة في هذه الدول المتحضرة وانما موجودة منذ عشرات السنين، وهو ما ولد عند مواطنين هذه البلدان المتحضرة ان اصبح الامر عادة ان لا يرمي النفايات الا في الاماكن المخصصة لها لانه على يقين انه اذا رمى النفايات في الشارع فانه سيتعرض لعقوبة مغلظة.
ويحق لنا هنا ان نتساءل كأردنيين لماذا لا يكون عندنا قوانين مغلظة تعاقب من يستهتر برمي النفايات في الشارع او من السيارة او في الاماكن العامة كما هو الحال في الدول المتحضرة؟! لأنه –وحسب اعتقادي الشخصي- اننا لن نتوقف عن عادة القاء النفايات في الاماكن العامة بشكل عشوائي إلا اذا كان هناك قانون مغلظ يجرم من يقوم بهذا الفعل وان لا يكون هذا القانون حبر على ورق -كما يحصل مع قانون التدخين في الاماكن العامة- وانما ايجاد قانون والعمل على تطبيقه دون هوادة او محاباه.
الشعب الاردني شعب متحضر ولا تنقصه الاخلاق ولكن تنقصنا القوانين الرادعة، وانا متأكد انه اذا ما وجد قانون يمنع القاء القمامة في الشوارع والطرقات والاماكن العامة وطبق فإنه مع الوقت سيصبح عادة لدى المواطن الأردني كما يحصل مع مواطني الدول المتحضرة وسيمتنع الاردني عن القاء النفايات الا في الاماكن المخصصة لها. ومن هنا فاننا نناشد الحكومة ومجلس النواب لتشريع قانون مغلظ يجرم القاء النفايات الا في الاماكن المخصصة لها، ويعاقب من يقوم بهذا الفعل بدفع غرامة مالية كبيرة، ونأمل ان يرى هذا القانون النور في اسرع وقت، وان يكون هذا القانون مغلظ وقابل للتطبيق على ارض الواقع. وهكذا قانون سيؤدي الى الوقاية الصحية والنظافة وحماية البيئة، وهكذا قانون يصب في مصلحة المواطن الأردني والسائح والاردن على السواء، فالسكان والتجار واصحاب المحلات يشتكون من رمي القمامة امام ممتلكاتهم او قربها، ما يتسبب في مشاكل بيئية وصحية لهم، كما ان رمي القمامة في غير اماكنها يشوه صورة وجمالية الاردن التي يسعى الجميع مسؤولين وسكانا ان ترقى الى مصاف الدول العالمية النقية والنظيفة والصديقة للبيئة