خوله العرموطي
وجــع وطــن
بقلم الوزيرة السابقة خوله العرموطي
أعرف جيداً اني لست الوحيدة اليوم التي تمنت من قلبها أن لا تضطر لمثل هذه الوقفة لكوكبة من شهداء الوطن أولئك الذين كان ذنبهم الوحيد أنهم “مَرّوا من هنا ” أعرف جيداً كما كلنا نعرف أننا مهما شعرنا بحزن وأسى فلن يكون ذلك الا “قطرة ماء على صفيح ساخن” من حزن العائلات التي فقدت أبنائها قبل أن تودعهم جيداً وقبل أن تخبرهم كم يحبهم إخوتهم و أمهاتهم … تلك الأسر التي ذاقت الأسبوع الماضي وفِي اليوم الأسود إياه واحداً من أقسى امتحانات الحياة ،لهم جميعاً نقول بأسى و على خجل “مصابكم مصابنا وعظّم الله أجوركم وانا لله و انا اليه راجعون “… بكل الغصات التي نشعرها اليوم..لا أستطيع التوقف على ناصية الأمل دون عمل …ولا أستطيع التحدث دون أن أقول ما أجده واجباً علينا و لزاماً على كل محب منتم لبلاده و مليكه .. فرغم إيماننا بالقضاء و القدر الا ان أطفالنا كان من الممكن تجنيبهم الكارثة التي حصلت، لو اختلفت الكثير من التفاصيل ، بدءاً من تحمل كل ذي مسؤولية مسؤوليته وليس انتهاءً بتواجد فرق الإنقاذ في الأماكن التي يمكن أن يكون فيها حشد من “المغامرين الصغار” لئلا تتحول مغامراتهم لمقامرة بأرواحهم و مشاعر محبيهم .
تحدث جلالة سيدنا عن مقصّرين، ونحن نتحدث و الشارع كذلك ، ولكننا للأسف لا نملك الخبرة و المعطيات التي تمكننا من قول “من” قصّر” في “ماذا “، ما يجعل على كل المؤسسات في الدولة و لجان التحقيق التي بدأت و ستتوالد لاحقاً أن تخبرنا أين كان الخطأ و أين وقع و من يتحمل مسؤوليته . ليس ذلك فحسب بل على الأردنيين أن يروا بأعينهم محاسبة حقيقة لأي مقصّر أو حتى فاسد في الكارثة التي وقعت و التي عملت فعلاً على تكريس و تجذير فقدان الثقة بين الأردني و معظم المسؤولين . حين يفقد المواطنون و المقيمون ثقتهم بمؤسسات هذه الدولة أو تلك ، يفقدون حسهم بالمسؤولية اتجاهها ، و تجاه مؤسساتها و الممثلين لها . وتتفاقم المسألة بالشعور بالغضب الذي يؤدي لاحقاً لتزايد الأزمات المجتمعية المفتعلة ، فما بالكم ان كنّا في بلد لا تنقصه الأزمات و لا المشكلات المجتمعية .. لست من محبي جلد الذات ولا الوطن ، و أعي تماماً الاشكالات الهائلة التي تجاوزها وطننا باقتدار .. و أصفق لها و يملأني الفخر ..ولكني ، و على الصعيد الآخر ، لست ممن يختبؤون خلف إصبعهم ، ولا ممن يحيون في إنكار الاشكالات و الأزمات .
ما حصل أزمة معقدة و تحتاج لحل حكيم يضمن للأردنيين حقوقهم على الأقل ، و هذا لم يحصل حتى اللحظة ولم نرى كما لا بد من تحمّل كل مسؤول مسؤوليته ، لنحمي الأردنيين والأردنيات من أي “وهن” أو تخاذل أو تقاعس لاحق بحقوق الوطن .
أقول ذلك و أنا أعرف الأردني البسيط يحمي الوطن برموش العيون و يخاطر بحياته لإنقاذ طفل أو طفلة ، وكذلك الجندي و رجل الأمن .. ولكن هذا الوطن و مؤسساته أكبر من أن نظل منتظرين للتضحيات بدلاً من الإصلاحات الحقيقية الفاعلة وصولاً لدولة مؤسسات قوية مع مئويتنا الثانية بإذن الله ..
حمى الله أردننا العظيم ، أرض العزم وأدام سيدنا صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني