باسل الرفايعة
عمّانُ لا تنتخبُ، وتلومُ الزرقاءَ على فوزِ أبي مصعبِ الزرقاوي. الرجلُ في الغويريّةِ موعودٌ بالاحتشامِ العامِ، وتطبيقِ الشريعةِ في شارعِ السعادةِ، وهو يُسامحُ في شأنِ الأرصفةِ، والبناءِ العشوائيِّ، والتلوِّثِ البيئيِّ، فهذهِ مدينةٌ مجازيَّةٌ، نامَ الرسولُ تحتَ شجرةٍ فيها، فانتخبَ النَّاسُ نائباً للشجرةِ في البرلمان، ومنحوا ثمارها لآخرَ، قرأَ الفاتحةَ كاملةً في عزاءِ الزرقاوي.
عمَّانُ أيضاً مدينةٌ مجازيَّةٌ، وسادةُ البلاغةِ فيها ليبراليونَ ويساريونَ ومُحبطون، لا يذهبونَ إلى صناديقِ الاقتراعِ. بعضهم منشغلٌ بالإجازةِ. آخرون بالتمويلِ الأجنبيّ. كثيرون، يكتبونَ على الـ’فيسبوك’ عن الدولةِ المدنيّة، وآخرون منشغلون بالمعركةِ في جُرودِ لبنان، وفِي التطبيعِ مع إسرائيلِ، وإنكارِ المحرقة.
عمّانُ لا تنتخبُ. يفوزُ الإسلاميون بأكثر المقاعدِ في البلديات والمحافظاتِ، بأقلِّ نسبةِ اقتراعٍ، وقد أوسعناهم كتابةً، وفازوا بالصناديق، وسيفوزون بكلِّ الإبلِ، ويُصوِّتونَ على بيعِ بولها في الصيدلياتِ علاجاً لانحرافِ اليسارِ إلى الاستبداد، ودواءً لبكاءِ الليبراليين على الدولةِ العَلمانية.
عمّانُ ليست واحدةً. إنَّها شرقيَّةٌ وغربيَّةٌ. وذلكَ قَبْلَ أنْ نتكلَّمَ في شأنِ الصناديقِ، وفِي شأنِ البرجوازيةِ، والبكتيريا الضارة، وأينَ تتوزّعُ دارُ الأوبرا، والمسرحُ الوطنيُّ، وحديقةُ التماثيلِ، بينَ عبدون، وجبلِ التاجِ. ولنا أنْ نبكي على مدينةٍ، دُونَ موسيقى، ومسرحٍ، وتمثالٍ واحدٍ، ومعرضٍ تشكيليٍّ، يصطفُ النَّاسُ على بابهِ في طابورٍ طويلٍ، كما لو كانَ مَخْبزاً في مجاعة.
هذا لأجلِ تلخيصِ البؤسِ في جملةٍ واحدة: البلادُ في كارثةٍ. وَلَمْ ينجحْ أحد.