فارس الحباشنة
الشارع الاردني يغلي غضبا وسخطا من السياسات الاسرائيلية العنصرية والاستيطانية في فلسطين المحتلة ، ومن العدوان الاسرائيلي الاخير على غزة ، وما ، وما تتعرض اليه القدس يوميا من انتهاكات واعتداءات اسرائيلية سافرة .
الحركة الوطنية الاردنية تجدد ولادتها من حراكات شعبية في تكوينها التاريخي والسياسي اول من حذرت من الخطر الاسرائيلي الداهم على الامن السيادي الوطني الاردني .
حركة النضال الشعبي الاردني لها تاريخ وجذور اجتماعية .. بدات من المؤتمر الوطني 1928 ، وتعريف الدولة الاردنية وهويتها العروبية والاسلامية ، والنضال من اجل الاستقلال والحرية ومقاومة الاحتلال الاجنبي .
الاردنيون اول من قدموا شهداء ومناضلين من اجل استقلال فلسطين ، واول من ضحوا وناضلوا ضد وعد بلفور والاحتلال الانجليزي لفلسطين ، والعصابات الصهيونية .
وما انفكت يوما شخصية الاردني عن النضال الوطني من اجل فلسطين والقضايا العربية . لربما تعرضت الاردن الى ازمات ومحن ومضايقات حاولت ان تنزعه من مجاله الحيوي والجيوسياسي ، ومحاولات اخرى ارتبطت بمشاريع ومخططات لتفكيك الدولة والتبعية الاقتصادية ، ونهج الاقتصاد الليبرالي واقتصاد السوق وتفريخاته من خصخصة وبيع اصول الدولة ومنتجات الفساد وهدر المال العام ، وحكم الشركات والبنوك ، وهيكلة القطاع العام .
في الحالة الاردنية هناك متلازمة بين النضال الوطني والدور الوطني الاردني والاقتصاد والتنمية . وما جرى خلال عقود ماضية بفعل سياسات حكومية امتدت الى تفيكك المجتمع الزراعي والاقتصاد الزراعي الاجتماعي ، وتضييق مفهوم التنمية في سياسات اعسار اجتماعي ،وتوجيه الاقتصاد نحو الخدمات والبنوك وضرب الوحدة الاجتماعية .
الاردن لم يكن يوما يستورد قمحا وشعيرا وحبوبا . وسلة الغداء الاردنية محلية بحتة . بل ان الاردن مصدر ، ومركز لتصدير الخضار والفواكة اقليميا ومنتجاته تصل الى اوروبا ، والمهم ليس مبدا التصدير بحد ذاته انما تبني الدولة لاقتصاد الاكتفاء الذاتي ، وهذا الخيار جزء حصين من المنعة الوطنية والاستقلالية وحماية السيادة الوطنية .
بمقدور الاردني ان يكون مقاوما ومناضلا اقوى . وبمقدور حركة النضال الشعبي المتجددة في المجتمع الاردني ان تكبر وتحصن لتكون اداة ناعمة وخشنة
، وداعم لمواقف الدولة ومصالحها العليا ، وحماية الثوابت الوطنية الموروثة ، وعامودها الاستقلال والسيادة الوطنية .
وحدة المجتمع الشعبية ، وحمايته من التفكيك ، ومشاريع التجزئة غير المرئية تهدف الى ايصال الاردن اجتماعيا وسياسيا لحالة جزر سكانية مقطوعة الاوصال ، فلا جامع ولا رابط وطني يوحدها .
حركة النضال الوطني ضد الاستعمار الانجيلزي في الاردن فلسطين لا تقل اهميتها ودورها تاريخيا وقوميا عن شقيقاتها في الجوار العربي القريب والبعيد .. ونيل الاستقلال ، ودحر الاجنبي المحتل ، والتدرج في اكمال بناء الاستقلال الوطني من تعريب الجيش والغاء الاتفاقية مع بريطانيا ، وسن دستور وبناء مؤسسات وسلطات وقانون ، وارساء لدولة الحق والعدل .
ولو ان القائمين على سجالات الحوار الوطني اليوم يرجعوا الى ارث المؤتمر الوطني ومطالب القوى الوطنية بارساء تقاليد لحكم دستوري ، وعدالة اجتماعية ومواطنة ، وقيم ومباديء وطنية ، لربما انها تمخضت في تجربتي حكومتي وصفي التل وسليمان النابلسي . وكذلك تجارب متقطعة لنماذج من يساريين وقوميين اردنيين قدموا الى السلطة من مواقع وخلفيات شعبية .
كلما كانت الاردن قوية .. فان موقفها من فلسطين وقضيتها يكون اقوى .. معادلة تاريخية .. ولربما من ارسى جذورها « امانة الجغرافيا» والاجداد الاوائل المؤسسين من امنوا بالاردن العربي والاسلامي .. ومن امنوا بقوة ومنعة الاردن ووحدة شعبه ، وهذه المصدات الرئيسية للعدوان الصهيوني والمؤامرات الاستعمارية الغربية على فلسطين والمشرق العربي ، وما يطرح من مخططات لوطن بديل وتوطين وتصفية للقضية الفلسطنية على حساب الاردن .
من حسن الحظ ان ثمة قوة مازالت حية اردنيا .. ورغم ما تعرضت اليه الحركة الوطنية ومناضلوها من اقصاء وتهميش من فرقاء يسعون
الى توطين مشروعهم في ادارة الدولة ، دون مراعاة لاي اعتبارات وطنية واجتماعية واقتصادية تحمي المشروع التاريخي للدولة الاردنية ، ومصالحها وهويتها الوطنية ، وما تتعرض اليه من تحديات ضنكة وعسيرة ، ومصيرية .