بلال أبو الهدى
هناك فرق كبير بين معنى كلمة سِخْرِيًّا أي إستهزاء-يستهزئ بعضنا ببعض (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ (المؤمنون: 110)). وبين كلمة سُخْرِيًّا أي نخدم بعضنا البعض وهنا تتجلى حكمة اللّه تعالى في تفضيل اللّه بعض عباده على بعض في الدنيا في مواصفاتهم الخلقية والخلقية والقدرات والإمكانات … الخ، لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا في الأعمال والحرف والصنائع. فلو تساوى الناس في إمكاناتهم وقدراتهم العقلية وفي الغنى وفي العلم والثقافة … الخ، لما إحتاج بعضهم إلى بعض، ولتعطلت كثيرا من مصالحهم ومنافعهم (أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ (الزخرف: 32)). وكذلك الله فضل بعض النبيين على بعض (ٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ذَا ٱلۡأَيۡدِۖ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ، إِنَّا سَخَّرۡنَا ٱلۡجِبَالَ مَعَهُۥ يُسَبِّحۡنَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِشۡرَاقِ، وَٱلطَّيۡرَ مَحۡشُورَةٗۖ كُلّٞ لَّهُۥٓ أَوَّاب، وَشَدَدۡنَا مُلۡكَهُۥ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحِكۡمَةَ وَفَصۡلَ ٱلۡخِطَابِ، وَهَلۡ أَتَىٰكَ نَبَؤُاْ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُواْ ٱلۡمِحۡرَابَ، إِذۡ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُۥدَ فَفَزِعَ مِنۡهُمۡۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ خَصۡمَانِ بَغَىٰ بَعۡضُنَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فَٱحۡكُم بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَلَا تُشۡطِطۡ وَٱهۡدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَٰطِ، إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ، قَالَ لَقَدۡ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعۡجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِۦۖ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡخُلَطَآءِ لَيَبۡغِي بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا هُمۡۗ وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ وَأَنَابَ، فَغَفَرۡنَا لَهُۥ ذَٰلِكَۖ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابٖ (ص: 17-25)). وكذلك جعل الله بني آدم خلائفه في الأرض ورفع بعضهم فوق بعض درجات ليبتلي الله كل مجموعة من الناس فيما آتاهم من كل شيء (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (الأنعام: 165)).
والهدف من ذلك هو ابتلاء بعض قادة الدول العظمى فيما آتاهم الله من قدرات عسكرية وتكنولوجية ونووية وعلميّة ومالية وإقتصادية … الخ وكيف تصرفوا فيها؟! هل فيما يرضي الله أو في معصيته وفي ظلم عباده. وها نحن نرى ونشاهد كيف أن بعض الدول العظمى استغلوا ما آتاهم الله من كل ما ذكر في ظلم بعض عباد الله وخصوصا في الحرب القائمة بين حركة حماس وقواتها وقوات الجهاد الإسلامي وقوات دولة الكيان ودول حلف الناتو (حرب السابع من اكتوبر 2023)، ولهذا أنهى الله الآية بقولة إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ في حقوق عبادة وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ في حقوقه. فإن لم يعد قادة دولة الكيان الصهيوني ومن معهم من قادة دول الناتو وغيرها إلى صوابهم ويوقفون الظلم على الفلسطينيين في كل فلسطين سوف يكون الجواب لهم في هذه الآية (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الروم: 41))، علما بأن الله هزم جيش دولة الكيان ومن معه من جيوش دول الناتو وغيرها شر هزيمة في حرب السابع من اكتوبر وأذاقهم بعض الذي عملوا من قبل قوات حماس والجهاد الإسلامي. كما حرك الله ويحرك شعوب وطلبة واحرار العالم ضدهم، ولم يذيقهم الله بعد بأس بعضهم لبعض أي بأس الصين وروسيا وكوريا الشمالية وغيرها من الدول التي تتربص بهم. كما أن الله نصر شعب فلسطين في هذا اليوم الجمعة الموافق 10/5/2024 باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارا بأحقية دولة فلسطين للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ويوصي مجلس الأمن بإعادة النظر بهذه المسألة إيجابيا، وصوتت لصالح القرار 143 دولة، وامتنعت 25 عن التصويت، ورفضت القرار 9 دول.