د.حسام العتوم
لا تعتبر إسرائيل نفسها أنها أخطأت عندما قصفت يوم الأثنين من نيسان 2024 القنصلية الإيرانية في سوريا التي تشكل ركيزة سيادية لإيران الى جانب سفارتها هناك ، والتسبب حينها بمقتل 12 قياديا ايرانيا من الحرس الثوري ، لكونهم اجتمعوا للتخطيط ضد إسرائيل فقط ؟ وهيليست المرة الأولى التي تستهدف فيها ايران لعناصر ايرانية داخل ايران و خارجها ، و حتى الفلسطينية ، وتعمل علىمدار الساعة مع الولايات المتحدة الأمريكية لكي تمنع ايران من الوصول لمرحلة بناء القنبلة النووية المرعبة للوجودالإسرائيلي أولا . وتعتبر إسرائيل ايران الدولة المناكفة لها و التي لا تقبل بالمطلق بإحتلالها لفلسطين كما العرب . ومهما يقال عن ايران بأنها تسهدف العرب قبل إسرائيل ، إلا أنه لا يروق لها بقاء إسرائيل في المنطقة ، ومن أجل هذازرعت وكلاء لها ،و عملت على تدريبهم و تسليحهم تاركة قرار الحرب لهم ، وهم مثل حركات التحرر العربية – حماس، و الجهاد ، و حزب الله في لبنان و في العراق ( حشد ) ، و الحوثيون .
وفي الضربة الإيرانية الأخيرة ، و التي وصفت بالخفيفة ، أصابت إيران بالرد الذي وجدت فيه لا مخرج لها من دونهلكي تحترم نفسها أمام الشارع الإيراني أولا و العالمي ثانيا ، و أخطأت في المقابل بإختراق فضاء الأردن ، وهو أمرسيادي للأردن تحدث عنه جلالة الملك عبد الله الثاني في زيارته الأخيرة لواشنطن و لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن ،و جاء على لسان وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي عندما استدعى السفير الإيراني بعمان ليبلغه رسالة الأردنالاحتجاجية . وفي المقابل لم تكن ايران راغبة في توريط وكلائها في المنطقة عن طريق استخدام أجوائهم الفضائية ،ولم تحسن اختصار طريق الرد عبر ما تمتلك من بوارج بحرية ، فاختارت القصف عبر المسيرات و الصواريخ البالستيةالمحدودة على بعد خمس ساعات و بطريقة مباشرة .
إسرائيل – كيان عدواني احتلالي استيطاني نازي شرير يعادي الجميع في المنطقة ، من وقع السلام منهم ومن لميوقع ، ويعتبر حركات التحرر العربية ارهابية ، و يعفي ذاته من الارهاب رغم ما اقترف و يقترف من مذابح بشرية يوميافي غزة ، و في رفح ، و في الضفة الغربية – في فلسطين ، ومن دون سبب مقنع ، وسببها السخيف يكمن بتواجدحركتي حماس و الجهاد و القوى الفلسطينية الأخرى المناضلة ، المحررة للأرض و المدافعة عن العرض في زمناستشراء الاحتلال البغيض . ولقد تسببت إسرائيل حتى الان في جريمة حرب ، و ابادة جماعية راح ضحيتها و لا زاليذهب أكثر من 33 الفا من الفلسطينيين المواطنين المسالمين ، أصحاب الأرض و القضية العادلة .
و إسرائيل التي قدمت لها الصهيونية عبر التفافها على الأمم المتحدة عام 1947 فلسطين التاريخية على طبق منذهب ، و احتلت فلسطين المعاصرة و قدسها عام 1967 بعد ولوج قرار قومي بطردها ، رغم اقتراح الزعيم السوفيتيجوزيف ستالين بعد انتصاره و قائده الميداني جيورجي جوكوف و السوفييت في الحرب العالمية الثانية عام 1945 التي اشترك فيها البريطانيون بداية ، و الأميركان في اللحظات الأخيرة ، توجيه اليهود بعد تعرضهم و شعوب المنطقةالشرقية من العالم للمحرقة “ الهولوكوست “ الى إقليم “ القرم “ ، أو الى سخالين ، لكن تفسيرات التوراة ، خاصةالنسخة المزورة منها دفعت بهم الى فلسطين للبحث و بطريقة سرابية عن وطن لا يملوكنه ، وعن هيكل خياليأسموه “ هيكل سليمان “ ، والتاريخ القديم والمعاصر شاهد عيان على مرورهم في منطقتنا 80 عاما ، بينماالكنعانيون تواجدوا هنا منذ قبل التاريخ بأكثر من عشرة الاف سنة .
و إسرائيل التي لا تملك فلسطين ، و لا أي من أراضي العرب المحتلة لها ، و التاريخ شاهد عيان ،و المتطاولة على ايرانبإستمرار ، و رغم الضربة التأديبية الإيرانية الأخيرة لها التي تستحقها ، الا أنها لا تملك حق الرد على ايران و لا حتى حقالدفاع عن النفس ضد ايران ، و لا ضد الفلسطينيين و العرب ،بسبب ممارستها للعدوان و الأحتلال ، و الاستيطان ، والقتل من دون رحمة للفلسطينيين الأبرياء . و المطلوب من إسرائيل أن تتصالح مع نفسها ، و تذهب الى صوابهاوتقبل بالدول الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية ، و القرار 242 ، أو تحزمحقائبها و ترحل من منطقتنا العربية و الشرق أوسطية ، و افضل منطقة لتواجدها هو في مكان الدولة الراعية لهابانحياز واضح سافر مثل أمريكا ، و اقليم “ الاسكا “ الروسي الأصل منذ العهد القيصري مناسب لها و لهيكلها المزعوم،وسوف يذكرها بموطنها بارادبيجان الروسي .
والمطلوب من ايران في المقابل ، هو تهذيب هلالها الشيعي ،و العودة الى حدودها الجغرافية و عدم اعتبارهاأيدولوجية مفتوحة ، و العالم السني له الأغلبية و الزعامة و المقدسات بوضوح ، ، و لا يجوز اختراقه . و تحريرفلسطين لا يأتي الا بوحدة قوى المقاومة العربية و قرارها،و عبر وحدة العرب التي ناداهم اليها ملك العرب وشريفهم الحسين بن علي طيب الله ثراه بعد اعلانه لثورة العرب الهاشمية الكبرى عام 1916 . و قضايا العرب هيعربية خالصة ، وقضايا ايران الأصل أن تكون ايرانية خالصة . و إسرائيل تمثل توجها غربيا و لأحادية القطب المتغولعلى أركان العالم ، والذي يتصرف بسذاجة فوق القانون الدولي .و ايران الواجب أن تحافظ على توازنها وسط التوجهلبناء عالم متعدد الاقطاب تقود فكرته روسيا الاتحادية ، و يمثل شرق و جنوب العالم ، و يبقي الباب مواربا أمامالانضمام الطوعي للغرب .
ثمة رسائل متشابكة تحوم فوق منطقتنا العربية ، فنلاحظ أمريكا تنسج مع إسرائيل السلام مع العرب المناسب لهما،و يتصديان معا للمقاومة و الوحدة العربية . وفي بقاء إسرائيل في المنطقة العربية مصلحة أمريكية اقتصادية ولوجستية ماكرة ، و انتصارا لاحادية القطب الذي بدأت معالمه تنهار اقتصاديا و إعلاميا و سياسيا . و تخشى إسرائيلمن زوالها على يد ايران و المقاومة العربية ،و لا مشكلة لديها مع الدول العربية التي وقعت معها السلام ، أو التي لمتوقع بعد . وفي زوال إسرائيل و هو الذي نتمناه ، سيتراجع وهج الولايات المتحدة الأمريكية و احادية القطب ، وسوف يصعد نجم تعددية الأقطاب ، روسيا و الصين ،وما على ايران الا الأنتباه أكثر لحركة التاريخ الى الأمام .
وحراك أمريكي – غربي سياسي و دبلوماسي يخشى تطور الحدث الإسرائيلي – الايراني الى مواجهة مباشرة ، يختارالاصطفاف فيها الى جانب إسرائيل ، و طالبت روسيا في مجلس الأمن عدم التعامل مع الصدام الإسرائيلي – الايرانيبإزدواجية ،و رفضت ادانة ايران في وقت لم تدين فيه إسرائيل أوكرانيا – كييف ، وفي حالة الصدام الإسرائيلي – الايراني ستقف روسيا و الصين الى جانب ايران . و ان الأوان تغيير معايير مجلس الأمن و تنظيفه من ازدواجية القرارومن غياب العدالة الدولية .و الأصل هو أن إسرائيل ليست أمريكا و لا دول الغرب ، و عليها أن تتحمل تبعات سلوكهاالسلبي بنفسها