د. راكز الزعارير
تبحث إسرائيل منذ تأسيسها عن تحقيق نصر حاسم على الشعب الفلسطيني
والامة العربية يقضي على الارادة الفلسطينية والعربية المتمثلة بالتمسك بالحق
الفلسطيني بوطنه التاريخي في فلسطين المحتلة وانتمائه القومي للأمة العربية
وعقيدته الأسلامية.
ومنذ اكثر من مئة عام على اقامة دولة إسرائيل على ارض فلسطين، دأبت الدولة العبرية على
استخدام القوة العسكرية والقتل، لإرهاب الشعب الفلسطينى وسلب ارادته، ووضعه امام
خيارات صعبة رفض ان يخضع لها عبر الاجيال الفلسطينة، بالاضافة إلى محاولات إجباره على
التخلي عن وطنه التاريخّي في ارض فلسطين والقدس دون جدوى، و اصطدمت تلك
المحاولات بحاجز الصد الفلسطيني الذي لم ولن يتراجع عن حقه في وطنه وأرضه.
لقد حشدت إسرائيل منذ تأسيسها دعما دوليا لوجستيا وماليا وعسكريا غير مسبوق لأسباب
عديدة تتعلق بالمسألة العالمية لليهود، اهمها على الاطلاق الاستجابة للنفوذ اليهودي
المالي واإلعالمي »كعائله روتشيلد« الذي سيطر على مراكز النفوذ وصنع القرار والانتخابات
خاصة في الدول العظمى في العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية، والتي بدورها
وظفت نفوذها وحتى الآن على القرار الرسمي العربي والفلسطيني، سياسيا واقتصاديا لصالح
الدولة العبرية وامنها المستقبلي دون جدوى مقنعة للشعوب العربية والشعب
الفلسطيني.
العدوانية الإسرائيلية على الشعب صاحب الأرض والوطن الفلسطيني تكررت بشكل دوري
عشرات المرات من المواجهات، اهمها الانتفاضة الفلسطينية عام ١٩٨٧ والتي أخضعت
إسرائيل الاعتراف بالفلسطينيين وبمنظمة التحرير الفلسطينية التي أستعادت وجودها على
الارضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة ضمن ما عرف باتفاقيات أوسلو.
لقد جاءت حرب ٧/أكتوبر ٢٠٢٣ من قبل المقاومة الفلسطينية في غزة لتغيير كل المعادلات
والاحتمالات والتصورات لليمن المتطرف الصهيوني لمستقبل القضية الفلسطينية، وحققت
المقاومة في حرب غزة حتى هذه اللحظة هزيمة مدوية لليمين الإسرائيلي المتطرف في
الداخل الاسرائيلي وعلى المستوى الدولي ايضا، و سنرى تداعياته خالل العام الحالي ٢٠٢٤.
الرؤية الحكيمة التي كان الملك عبدالله قد انفرد بها بالتشخيص الحقيقي والموضوعي لواقع
ومستقبل الحال، هو الذي تحقق على ارض الواقع، وبرغم تكرار تحذيرات الملك عبدالله من
الانفجار لألوضاع الفلسطينية جراء الممارسات والحصار والاعتداءات على الفلسطينيين
والاقتحامات للمسجد الاقصى و كان من نتائج هذه التحذيرات واخرها حرب طوفان الاقصى،
في الوقت الذي كانت إسرائيل والولايات المتحده وبعض القيادات العربية تتجاهل تلك
التحذيرات الملكية.
والاهم في تحذيرات الملك هو ما كان قبل هذه الحرب بعدم تجاوز الفلسطينيين والقفز
فوق قضيتهم بشكل لا يحقق آمال وحقوق الشعب الفلسطينى، لان ذلك يشكل خطورة
كبيرة ستبقى قنبلة موقوته في اي لحظة، إذا ما تم التجاهل ولو جزئيا للفلسطينيين، ومازال
الملك يحذر ويواجه العنجهية العسكرية االسرائيلية حتى اليوم، ويحشد المواقف الدولية
الضاغطة على إسرائيل لوقف الحرب المجنونة على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة،
لرؤية الملك عبدالله.
اسرائيل لم تحقق نصرا على إرادة الشعب الفلسطيني والاردني منذ انشئت قبل اكثر من مئة
عام وحتى اليوم، ولن تحقق في المستقبل اي انتصار بالرغم من احتلالها الغاشم للاراضي
الفلسطينية لانه مجرد احتلال بالقوة العسكرية لم يعترف به المجتمع الدولي، وكذلك معظم
القيادات الاسرائيلية الموضوعية والاقرب إلى الحلول السياسية الوسطية، والذين ستتيح
لهم نتائج حرب اوكتوبر فرصة تولي زمام الحكم والقيادة في إسرائيل وإنقاذها ومنطقة
الشرق الاوسط، من مصير مدمر يدفعه اليها اليمينيون المتطرفون من الصهاينة.