محمد حسين فريحات
دخل إضراب المعلمين إسبوعه الرابع، ومدارس المملكة جميعها تخلو من الطلبة، والدراسة فيها معلقة، والمسؤولون عن الوطن في حالة سفر، والوطن يمر بأزمة حقيقة، والمعلمون يستغيثون بكل مكونات الدولة، ومستعدون للحوار الحقيقي، ولا مجيب، والحكومة مع الاسف تضرب جميع المبادرات المتوازنة والموضوعية من قبل مؤسسات وشخصيات وازنة في الوطن بعرض الحائط، ومتزمتة ومتمسكة برأيها كأن المعادلة غالب ومغلوب، وهي صاحبة الولاية، وقوى الشد العكسي نجحت في إقناع الحكومة بعدم الإعتراف بحق المعلم بعلاوة الـ (50%) لحاجة في نفس يعقوب، واليعلم الجميع أن هذه العلاوة من الراتب الأساسي وليس الإجمالي وهي بحدها الاعلى لاصحاب الرواتب الاساسية من الدرجة والفئة والاولـــــى والخاصة حوالي(150) دينارا، اما باقـي الدرجـات والفئات تتراوح بين (70- 100) دينار.
الحكومة توهم الشعب والمؤسسات والشخصيات الوطنية بانها الام الحنون، وهي مع المعلم لتحسين أوضاعه المعيشية وتؤمن وتريد ومستعدة للحوار البناء والمنتج والذي يفضي الى حلول لأزمة إضراب المعلمين، وتصرح عبر رئيسها والناطق الاعلامي لها بأن علاوة ال (50%) ليست ضمن جدول أعمال أي إجتماع حكومي مع نقابة المعلمين ولا يمكن طروحها على طاولة المفاوضات، أذا على ما يفاوض المعلمين على لا شيء ، هل التفاوض من أجل التفاوض فقط؟، هل التفاوض من أجل شراء الوقت وإظهار النقابة والمعلمين متمترسين ومتمسكين برأيهم ولا يريدون حلولا؟ ما الهدف الرئيسي لبقاء الإضراب قائما لاربعة أسابيع بدون بصيص أمل؟ ولمصلحة من هذا التعنت الحكومي الواضح اتجاه المعلمين؟ ومن الذي يديرالازمة؟ بكل المقايس والمعايير التفاوضية الحكومة فشلت في إدارة ملف المعلمين، ولم تعد قادرة على تقديم أي حل للمعلمين المضربين منذ أسابيع، في المقابل جلست مع نقابة الاطباء أثناء أضراب المعلمين، وقدمت لهم حوافز نحن لسنا ضدها، ولكن ضد اسلوب الكيل بمكيالين.
ألا يؤكد اليوم هاشتاق (#مع_المعلم) الذي اطلاقه جلالة الملك عبدالله الثاني من خلال صفحته الخاصة، بمثابت توجيه حقيقي للحكومة لتبني قضية علاوة المعلمين وتحسين أوضاعهم المعيشية؟
اليوم الدولة بمأزق وأزمة حقيقة ( الملك، الحكومة، الشعب) ألا تستحق هذه الفئة التي وقع على عاتقها انشاء جيل متسلح بالعلم، مؤمن بربه، منتمي لوطنه وأمته، قوي بالدفاع عن حقوقه المشروعة في جميع القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومؤمن بالأوراق النقاشية الستة التي قدمها جلالة الملك عبدالله الثاني والتي تعتبر من أهم الاوراق النظرية التي قدمت، والتي تتضمن المبادىء والقيم الاخلاقية ومنها (العدالة، النزاهه، الشفافية، الحريات العامة، تكافوء الفرص …الخ) وهي بمثابت نبراس تهتدي بها هذه الحكومة وغيرها من الحكومات، وانت كرئس للحكومة مطالب أمام الملك والشعب بتطبيق هذه الاوراق، لكن مع الاسف هذه الحكومة وكل الحكومات لم تطبق شيء من هذه الاوراق وبقيت في إطارها النظري.
والسؤال الكبيروالمطروح من كل القوى الفاعلة في هذا الوطن، هل الحكومة تريد من المعلمين العودة إلى أبناءهم الطلبة وإنتظام مدارسهم؟ أذا فلتعترف بعلاوة المعلمين، وتلبي جزء منها ، كبادرة حسن نية امام الشعب بكل أطيافه، لتصبح الكرة في ملعب النقابة والمعلمين، هل يعود المعلمون الى غرفهم الصفية بدون تحقيق ولو جزء من مطالبهم؟ الرد قاله احب المواطنين بالحرف الواحد(والله لو يرجعو على المدارس بدون تحقيق ولو جزء من مطالبهم، فانهم لا يحترمون وقوفنا معهم، ولن نقف معهم مرة اخـــــرى) وقيل الكثير حـــــول ذلك من قبل مــؤسسات وشخصيات وازنة في الوطن.
إن ما جرى من أحداث خلال أسابيع الإضراب السابقة، يؤكد ضيق أفق الحكومة بالتعامل مع المعلمين ونقابتهم، ومقصرة في أداء واجبها الوطني والاخلاقي أتجاه الأزمة، وفشلت في إدارة الأزمة ولم يكن هناك اسلوب واضح في التعامل معها، لا بل مارست اساليب الضغط على منتسبي النقابة عبر كافة الوسائل والمؤسسات وقوى الشد العكسي والاشخاص، لثني المعلمين عن الاستمرار بالمطالبة بحقوقهم المشروعة بالطرق الدستورية كألإعتصام والإضراب الذي لم يكن هدفا لمجلس النقابة بل كان وسيلة أجبر عليها المعلمون والسبب أساليب الحكومة بالتعامل مع المعلم ، ابتداء من أحداث إعتصام الخميس الاسود كما يسميه المعلمون, وانتهاءَ بقضية الاعتداء على معلمات فاضلات في الكرك، ونقل معلمات في عمان، ومع الأسف الشديد كانت كل هذه المشكلات والقضايا حاضرة على طاولة المفاوضات بين الحكومة والنقابة، واعتبرت كأوراق ضغط على المفاوضين من طرف النقابة بحسب المجلس، هذه هي عقلية التفاوض لدي الفريق الحكومي الذي فشل في إدارة الأزمة مع وفد نقابة المعلمين المفاوض.
اليوم الشعب الاردني اصبح واعي لما يحدث من حوله ولا تنطلي عليه حملات التشوية التي تقوم بها مختلف الموسسات او الاشخاص ضد المعلمين ونقابتهم، وانهم يعرفون الغث من السمين، ولم يعد الاسلوب المستخدم مع نقابة المعلمين خافيا على أحد صغير او كبير، موظف او مسؤول.
الحكومة اليوم مطالبة بحل أزمة إضراب المعلمين كما الحكومات في جميع أنحاء العالم، ولا تستطيع التخلي عن دورها في إدارة البلاد ، والإضراب حق كفله الدستورالاردني للجميع افرادا وجماعات ومؤسسات مجتمع مدني بالطرق السليمة التي يكفلها الدستور والقانون، النقابة اليوم وبوقوف الطلبة واولياء أمورهم والشعب الاردني تعتبر في حالة لا مثيل لها، رغم التشوية والتجيش من قبل البعض.
المطلوب حل هذه الأزمة والخروج من المأزق التي وقعت به الحكومة، وتقديم مبادرات حقيقية وموضوعية لا تغفل مطلب النقابة الرئيسي المتمثل في علاوة المعلم، والاعتذار عن ما حصل في منع الاعتصام على الدوار الرابع في المقابل النقابة مطلوب منها ايضا التنازل والإقتراب من نقطة الحل، لتجاوز هذه الأزمة التي يمر بها التعليم في الوطن، من أجل إنتظام التدريس في كافة مدارس المملكة، وتعويض الطلبة عن أيام الأضراب حسب برنامج معد وواضح للجميع.
وجنب الله الاردن الفتن ما ظهر منها وما بطن إنه ولي ذلك والقادرعليه.