
باسم سكجها
إلى “باشا عمّون” في عارضه الصحّي!
جمعتنا الحياة منذ أقلّ من نصف قرن بقليل، وصحيح أنّ الزمالة غلبت أغلب ذلك العمر، لكنّ الغالب كان في كلّ تلك السنوات هو الأخوة والصداقة، وخوض معارك صغيرة وكبيرة، حسب ما كانت تأتينا به الأيام من مفاجآت!
حين رجع صاحبي من السعودية، في بدايات الثمانينات، كُنت أقوم بواجبي في “الرأي” مسؤولاً عن صفحتين يوميتين كانتا تسميان “المفكرة”، وكان قد عُيّن في قسم المحليات، ولكنّه أتى لي في يوم بقطعة جميلة، وقال: هذه لا تصلح للمحليات، وإذا أحببت فانشرها عندك، وغادر!
لستُ أنسى أنّها كانت تسرد قصّة عُرس في السلط، ومنذ السطور الأولى تذكّرت ما كتبه الطيب صالح عن عرس سوداني هو “عرس الزين”، وتابعت القراءة لتأخذني أجواؤها الحميمة، واللغة المتمكنة، ونشرتها في مفاجأة لصاحبها!
في اليوم التالي، التقيت صاحبي، فشكرني على النشر، ولكنّني شكرته أكثر على الكتابة، ولا أنسى أنّني قُلت له: في مفردات كتابتك الكثير من حنّا مينة، ولو كنتُ مكانك لبدأت كتابة رواية، ولكنّه لم يفعل، وصرنا أصدقاء.
كان صاحبي يمهّد طريق حياته في الصحافة، ولعلّنا لم نفترق منذها، ولم يكتف بكونه من محرري قسم المحليات بإشراف طيب الذكر هاشم خريسات، بل قام بتأسيس وكالة أنباء صغيرة سمّاها “عرب برس، وراسل صحفاً ومجلات خارجية، ولم تفارقه في يوم النكتة العفوية، ولم يبتعد عنه حبّ الناس.
تُرى، لماذا أكتب الآن عن صاحبي سمير، ولماذا تتداعى بعض الذكريات، وهي أكثر من كثيرة، وقد يكون السبب أنه بعث لي الليلة الماضية بأغنية لجورج وسوف، من سرير شفائه، ولجورج بيني وبين صاحبي حكايات!
كنّا في سهرة، وكلّ ليالينا سهر بالطبع، حين شكى لي عن موقف تعرّض فيه للظلم، فطلبت من المغنّي “كلام الناس” لأبي وديع، وصارت هذه الأغنية أيقونة في حياتنا، حيث”كلام الناس لا يُقدّم ولا يؤخر!
وأكتب، لأنّني عرفت أنّ زميلي وصديقي وصاحبي تعرّض إلى عارض صحّي، سيمنعه من التحرّك قليلاً من الوقت، وهكذا فهي استراحة المحارب يا غالي، مع أنّني أعرف أنّك لا تستريح وستقود مؤسسة “عمون” من سرير الشفاء، وللحديث بقية!