سعيد الصالحي
استيقظت قبيل الفجر على ألم شديد في قلبي، كان الألم لا يشبه أي ألم جربته أو عرفته من قبل، وكان القلب يحاول الهروب من
مطرحه، أخذت نفسا عميقا وقرأت ما تيسر لي من الآيات فهدأ قلبي وتراجع عن فكرة القفز الحر خارج قفصي صدري، وبعد ساعتين استيقظت مرة أخرى على محاولة القلب الثانية للفرار.
كانت قرقعة قلبي أعلى صوتا من قرقعة كل الطناجر التي سمعتها في الليلة الظلماء، فمن علم قلبي أن عليه أن يقرقع حتى ينجو، ومن أخبره أن القرقعة باتت سلاحنا السري ووسيلتنا الوحيدة للتغلب على كل المخاوف والمشاكل والمعضلات الشخصية والاجتماعية والاقليمية أيضا.
فعند عجز الموازنة نقرقع، وعندما ترتفع الفائدة لا نفهم ولكننا نقرقع بقدر درجات ارتفاعها، فالقرقعة ردة فعلنا الوحيدة، ولكننا وصلنا إلى مرحلة قرقعة القلوب.
كانت جميع الأعراض تشير إلى الذبحة الصدرية، أما تخطيط القلب وصورة الأشعة وفحص أنزيمات القلب فقد أشارت جميعها إلى سلامة القلب ووظائفه، فإن كان القلب سليما فمن أين جاءت هذه الأعراض؟
لست وحدي من يعاني من داء قرقعة القلب، فقد قرأت عن هذا الداء كثيرا في مواقع الانترنت، فهو لا يحتاج أدوية ولا ينفعه استشارة طبيب، علاجه الوحيد هو الإيمان المطلق بالمثل الشعبي “اللي حملها بسيرها”.
أما قلوبنا فلم تعد تحتمل مزيدا من الأحمال، وأصبحت قلوبنا قاسية وتحجرت كل المشاعر فيها، وتحولت إلى اكسسوار عضوي في خزانة الجسد.
وكان قد سألني الطبيب: هل حدث معك أي أمر أزعجك؟
فقلت له: لقد زرت دوار الطنجرة يوم أمس، ولم أجد نصب طنجرتنا عليه، على الرغم من مرور سنوات على نصرنا العظيم، فنحن نفكر، نخطط، نقرر، ولكن لا نفعل، فوضع الطبيب يده على قلبه وقال: قلبي يقرقع يا صديقي، لقد أصابتني العدوى، فقرقعة القلوب مرض معدي، وينتقل بسهولة بين الناس، عند الحديث عن إنجازاتنا التي تشبه دوار الطنجرة.
وسلامة قلوبكم