ينال البرماوي
قطاع الطاقة في الأردن من أكثر الملفات جدلية منذ سنوات طويلة ومن أكثر القطاعات التي حظيت بمخططات ودراسات مستفيضية وكل حكومة تضع في أولوياتها النهوض بالطاقة ومعالجة المشكلات التي تعاني منها ووقف نزيف الخسائر ودعم جهود الاقتصاد الوطني وما الى ذلك من برامج وسياسات تعج بها ردهات وزارة الطاقة والهيئات والشركات التابعة لها في مختلف المجالات.
منذ سنوات طويلة والمواطن ينتظر فرجا في معاناته مع الطاقة بخاصة أعباء فاتورة الكهرباء والمشتقات النفطية التي للأسف ارتفعت على نحو مخالف تماما لاستراتيجيات الطاقة التي تتوارثها الحكومات باستثناء بعض التجميلات اللغوية والفنية ولم نلمس حتى الان أثرا واقعيا وحقيقيا على المستوى الاقتصادي ككل والمواطن بشكل خاص.
الافراط في التفاؤل لمستقبل قطاع الطاقة الأردني وأنه سيشكل رافعة حقيقة للاقتصاد الوطني وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين مبالغ فيه وليس في مكانه رغم توفر الامكانات والأرضيات المناسبة كون الخطط الاستراتيجية المتلاحقة لا تتعدى كونها حبرا على ورق وحتى المشاريع التي أطلقت في السابق لم يكتب لها النجاح لأسباب بعضها معلن والأخرى لم يكشف عنها حتى الأن بخاصة مشروعات الطاقة النووية والمفاعلات التي استنفدت مبالغ طائلة على الدراسات والابحاث وغيرها يضاف اليها الدارسات المتعلقة بالصخر الزيتي الذي لم نعد نسمع عنه شيئا.
في اطار التفاؤل المفرط استحضر تصريحات سابقة لوزير الطاقة هالة زواتي بأننا سنصدر الكهرباء الى العراق وسوريا ولبنان وأوربا وغيرها في الوقت وكذلك تعظيم الاستفادة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها.
الوزيرة أكدت في معرض عرضها لاستراتيجية الطاقة لعام 2020 أن 21 ٪ من الكهرباء سيكون مصدرها الطاقة المتجددة عام 2030 وأنه يتم انتاج 17 مليون قدم كعب يوميا انتاج حقل الريشة من الغاز وساقت العديد من المحاور التي تبشر بها بمستقبل زاهر لقطاع الطاقة الأردني.
قبل الحديث عن أي استراتجيات لا بد من معالجة التشوهات التي مازال يعاني منها قطاع الطاقة ويتحمل تبعاتها الاقتصاد والمواطن على حد سواء وفي مقدمتها عدم استكمال تحرير سوق المشتقات النفطية وعدم السماح باقامة مصاف جديدة ما يعزز المنافسة في السوق ويعزيز مخزونات المملكة من المشتقات النفطية خلال الفترة المقبلة.
كما أن هنالك تقصدا بعدم تسهيل اجراءات تمكين المواطنين من تركيب أنظمة الخلايا الشمسية وتخفيض كلفها ما يعزز أمن الطاقة في الأردن ويخفض الكلف على شركات الكهرباء وتحد من الأعباء المالية التي تثقل كاهل المواطنين وكذلك القطاعات الاقتصادية المختلفة.. وتلك التعقيدات تدخل في اطار حماية شركات الكهرباء التي يمكن تعويضها بالاستمرار بفرض مقطوعيات ثابتة على المشتركين بالتيار الكهربائي واضافة فروقات منطقية على الفواتير الشهرية.
لم يعد مبررا استمرار الاخفاق باستغلال الصخر الزيتي والاحتياطي الضخم منه بحجة عزوف المستثمرين الأجانب وقد آن الأوان لأن ترى فكرة إنشاء شركة وطنية قابضة برأسمال محلي تطرح أسهمها للاكتتاب العام على أن تعطى حصرية استغلال الصخر الزيتي واستخراج المعادن الثمينة في الأردن كالذهب والنحاس وغيرها بيد أن المستثمر الأردني وخاصة المغترب يدرك اليوم معنى جدوى الاستثمار في موطنه بعدما أصبحت الاستثمارات في الخارج عرضة للمخاطر.