الدكتور محمد القرعان
يبحر اعلامنا في ظلمات الرجعية ، معلنا عجزه الكامل عن التناغم مع توجهات الدولة المدنية ، وارساء روح محاكاة الواقع بجميع مكوناته الحديثة ومتطلبات التغيير ، ولغاية اللحظة سجل عجزه عن النهوض بالروافع الوطنية والارتقاء بمستوى الرسالة الوطنية بمحتواها الدقيق وبحسب نظرة الساسة ، وبكل مايتعلق بوصعنا كأردن ورسالته النهضوية ورؤيته للحالة السياسية داخل البيت العربي، وما يتعلق بخطورة المرحلة، وعلاقتها بالتصفية بخطتها للقضية الفلسطينية، واضاعت الحقوق العربية والاسلامية ، وهو يدوي داخل كنتونات حسابية لمؤسسات واشخاص بقصد الربح ، وترويج لأفكار خارجة عن قيمنا ، ومخالفة للمنظومة الاعلامية، باخلاقها وقوانينها ، وهو اعلام مهزوز يعمل بحارة ضيقة ، اي اعلام مزنوق قاصر عن محاكاة الواقع بشمولية التجديد ، وهو ما اخذ عليه في ضوء سباقات اعلامية عالمية ، ومؤسسات صحافية جعلت من نفسها دول ، تهز اركان العروش وترعب اصحاب الكراسي ، وتعد برؤيتها وقوة اقناعها وادواتها (جيش ) .
ان غياب الدعم الحكومي للمؤسسات الاعلامية الرسمية وغياب الاستراتيجية عن الوضع الحالي، واختباء قياداتها خلف الخبر الرسمي والمحلي طلبا للستيرة ، والتدخل الحاصل ، اثر سلبا في بنية المادة الاعلامية وسلخها عن هدفها .
كما ان الفوضى الاعلامية التي نعيش وسياسة الابتزاز التي تمارس بين الفينة والاخرى ، مع البعد عن الموضوعية، وبعض الممارسات غير الاخلاقية ، كل تلك العوامل اسهمت بشكل كبير في استقالة الاعلام عن دوره الوطني والمجتمعي والعالمي، وهنا يشمل الاعلام التقليدي والالكتروني والمرئي والمسموع عاما واهليا ، اضف الى ذلك فان استسلام الاعلام التقليدي وعدم تطوير ادواته وغيابه عن الجو العام للدولة ، وعدم مجاراته للحداثة والتطوير ، ساعد على ان يقوم بهذا الدور الوطني ، اعلام غير مهني يتخبط بمفهومه ويقوم فقط على المصالح الشخصية الضيقة ، وسياسة الاغتيال، للشخصيات والرموز والقامات الوطنية وللمنجزات والمكتسبات الاردنية في كل جانب ، بل واضفى جوا سوداويا على المناخ العام ، ونشر الاحباط وعزز فقدان الامل والثقة بالمستقبل ، وباي عمل او انجاز وطني بحت ، فالاعلام كما نعلم سلاح خطير وبفضل تاثيره فقد حل مكان القوة العسكرية ، بسبب تاثيره في نهضة الامم او تاخرها ورجعيتها وتخلفها وتشكيل قناعات المجتمعات وتكوين الرأي العام ؛ فالمسألة هنا تحتاج ايضا الى وقفة ومراجعة ملف الاعلام العام والخاص وشبه الخاص بهدف تكيف رسالته وصياغتها اردنية عالمية ،وبأسلوب يحترم الوطن ويقدر عطاءه ونموه وتحدياته ، والصعاب التي يواجهها ، مع المحافظة على تعزيز حرية الرأي والتعبير ، واحترام الاخر بالاختلاف ،بشرط ارضية وطنية مشتركة تجمع هذه المنظومة.
وقد خاض اعلامنا الوطني في السابق معارك اثبت بها قدرته على الدفاع عن مكوناته الرئيسة وبادواته البسيطة ،اذا اردنا اعلام وطني حر ، فيجب منحه الحرية المسؤولة ودعمه نحو العالمية والريادة ليكون اعلام عالمي يستطيع نقل تطلعاتنا كدولة واهتماماتنا والتحديات التي توجه المصير واهمية الدولة الاردنية وقوتها في ضبط التوازن والاستقرار السياسي الاقلمي والدولي واهمية دعم الاردن الذي يقوم نيابة عن العالم في تحمل اثار سياسية واعباء اقتصادية واجتماعية وتحديات امنية جراء ازمات وحروب اقليمية وتصفيات سياسية دولية دفع الاردن ثمنها وترك وحيدا في الساحة يواجهها رغم ضعف امكاناته المادية وموارده الطبيعية والمائية والبنية التحتية باكملها ، ويجب ان يفهم العالم حقيقة دور الاردن واهمية صموده هذا ما يجب ان يعمل اعلامنا على اظهاره بعيدا عن اعلام الحارات.