فارس الحباشنة
من قال ان قرار حظر الارجيلة قد خفف من الاقبال على استعمالها وانتشارها وتعاطيها؟
حركة الاقبال على شراء « المعسل والزغلول والتمباك» غير مسبوقة، ووصلت الى معدلات قياسية. وصاحب سوبرماركت قال لي ان المعسل يباع الان مثل الدخان واكثر، واكثر المقبلين على المعسل هن سيدات ومراهقون.
ودخل المعسل في فاتورة مستلزمات العائلة اليومية والشهرية. يشتري رب الاسرة سكرا وارزا ومجمدات ومعلبات ويضاف اليها واحيانا تكون في « راس القائمة» المعسل والفحم والقصدير.
في سوبرماركت دخلت سيدة اربعينية تتبضع مستلزمات وحاجات للعائلة، وعندما وصلت الى» الكاش « وجدت ان المال الذي تحمله لا يكفي لدفع ثمن كافة المشتريات، فقامت بارجاع مواد اساسية جبن ولبن وقشطة، وابقت على المعسل والفحم.
لم تنقطع الارجيلة من البيوت بل زاد استعمالها. ورغم ما تطلقه وزارة الصحة من تحذيرات حول الارجيلة وتدخينها الا ان الاقبال تضاعف، وانتشر بشكل كاسح بين السيدات والمراهقين ومن تقل اعمارهم عن 18 عاما.
منع الارجيلة في المقاهي وكافي شوبات زاد من استعمالها في البيوت. والضرر الصحي المقر طبيا للارجيلة لم يتوقف، وبل ان مدخني الارجيلة بدل ان يحرق راسا او اثنين يكلفانه في المقهى والكافي شوب 3 دنانير واكثر، فانه في البيت ينطلق مسعورا بتدخين الارجيلة دون حساب للفاتورة، وعيناه لا تترقب موظف الكاش، وكم يحسب راس ارجيلة على الطاولة .
لماذا الارجيلة ؟ يقولوا انهم تفش الغليل، وانها تفك الهم والملل، وتساعد على مقاومة الحظر المنزلي وتداعياته النفسية السلبية المتفاقمة، وذلك وسط ضغوط اقتصادية ومعيشية ونكبات وويلات خلفها الوباء اللعين. والارجيلة للمؤانسة والسهر، ويمكن ان تجلس وحدها ساعات وتفش غلك في راس الارجيلة.
مستلزمات الارجيلة ارتفعت اسعارها، وذلك في ضوء ارتفاع معدلات الطلب والاستهلاك. والاخطر في الموضوع ان هناك معسلا مغشوشا يغزو السوق الاردني، وسبق ان طرقت هذا الموضوع صحفيا امام المعنيين في وزارة الصحة ومؤسسة الغذاء والدواء، ولكن لا حياة لمن تنادي، ولم يتخذ اي قرار رقابي للملاحقة تجارة المعسل المغشوش، وما زال يتداول و يعرض للبيع علنيا.
و لو اخذنا موضوع الارجيلة من زاوتين واكثر. اولا : ان الاقبال على تناولها لم يتغير، وبل ازداد، وبالاضافة الى انتشار ما يسمى «ارجيلة دليفري «، ولا تصدق اينما تكون في عمان تصلك على مدار 24 ساعة.. ارجيلة بكل الانواع رؤوس تفاحتين وشمام ولوز ونعاع وليمون، وفحم مولع ومشتعل، وبربيش صحي.
فما دام ان خيوط « دخان الارجيلة « تتطاير من البيوت وسيارات الدليفري، لماذا يحرم اصحاب المقاهي والكافي شوبات من تشغيل منشاتهم واعادة الارجيلة ووضع ضوابط وتعلميات صحية حازمة وصارمة، ومخالفات رادعة لاي منشاة تخالف الاوامر.
يعني ما الفرق بين ارجيلة في البيت وارجيلة ديلفري وارجيلة في مقهى ؟ ولو واحد من مسؤولي ملف كورونا يخرج ويرد بجواب منطقي وعقلاني ويقنعني بان مقالي جانب الصواب الصحي، وساقول له معترفا شكرا وجزاك الله كل خير.
من يريد تناول الارجيلة فلا يمنعه ويصده اي مانع. ولكن ما يوجع الضمير قطع ارزاق المقاهي والكافي شوبات، وقتل اكبر اقتصاد سياحي في البلد، وتشريد الف العائلات، وتسريح عشرات الاف من العمال، ولحاق الاف من المستثمرين في قطاع المقاهي والكافي شوبات بركب المتعثرين والمديونيين، والخوف ايضا من ولادة حتمية لازمة عسيرة بين المالكين والمستاجرين.