اسعد العزوني
…. بعض
مسؤوليه ليسوا مؤمنين
أتمنى أن يصل هذا المقال إلى كافة المسؤولين في الأردن كي ينزّلوا عليّ أشد وأقسى عقوبة، لهذا البوح الشفاف والصريح فوق العادة وضد السادة ولكنه يرتقي إلى مرتبة العبادة، كونه يتحدث عن وطن يشكو من قلة المخلصين الذين يعملون من أجل رفعته وعلو شأنه،ويقدمون العون لجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ويخففون من حمله الثقيل في هذا المجال، ذلك أن دور الملك هو الموافقة على تعيين المسؤولين وتزويدهم بخارطة طريق يتضمنها كتاب التكليف السامي ويتفرغ جلالته لمهامه الجليلة الأخرى.
الأردن جنّة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى،وهو غني “فوق الأرض وتحت الأرض”،ولكن المسؤولين الذين يوليهم سيد البلاد ثقته ليسوا مؤمنين بهذا البلد،ولو كانوا غير ذلك لشمّروا عن سواعدهم ،ونزلوا إلى الميادين حيث إختصاصاتهم وأنجزوا شيئا لصالح هذا البلد، إقتداءا بما فعل وزير المياه والري السابق البروفيسور معتصم السعيدان، والأكاديمي المتميز البروفيسور أحمد ملاعبة،وعليه أتمنى بطبيعة الحال أن ينزل وزيرا الطاقة والسياحة والآثار من برجيهما العاجيين ويتعرفا على جغرافية الأردن وطوبوغروفيته، ليعلم وزير السياحة أن الأردن أرض خصبة وجبال شاهقة ووديان عملاقة وصحراء ذهبية تزخر بالآثار القيمة، وكذلك لتعلم وزيرة الطاقة ما يتمتع به الأردن من ثروات في مجال الطاقة كالنفط والغاز والصخر الزيتي ومساحات الصحراء الشاسعة لتوليد الطاقة المتجددة كهبات من عند الله سبحانه وتعالى فوق وتحت الأرض.
نريد وزراء ميدانيين لأن المكاتب هي لصغار الموظفين، ذلك لأن الميدان هو كاشف المشاكل ويساعد في الوقت نفسه على إقتراح الحلول لهذه المشاكل، في حين أن المكاتب قاتلة بالنسبة للوزراء وكبار المسؤولين لأنها تعطل العمل والنهضة ، والأردن يريد خلايا عمل لا ديوانيات أو مضافات تقلصت وأصبحت مكاتب .
غمرتني هذه الأفكار بعد أن شرعت بمعية البروفيسور أحمد ملاعبة الذي لقبه الألمان ب”قيصر الصحراء”لعشقه للميدان، بتأليف كتاب مشترك عن الأودية العملاقة في الأردن بعنوان”الأودية العملاقة …جمال الطبيعة في الأردن”.
مطلوب أيضا من وزير الزراعة أن يهجر مكتبه الفخيم ،ويتجول في أنحاء الأردن ويحل ضيفا معززا مكرما على المزارعين يستمع إلى مشاكلهم ويجترح حلولا لها ،من أجل تطوير هذا القطاع الحيوي وينقذ المزارعين من الخسائر المتتالية ،لأنهم يحولون في أغلب الأحيان مزارعهم إلى مراعي للمواشي لأسباب كثيرة منها سوء سياسات الحكومة الزراعية وسطوة الوسطاء .
الأمر ذاته ينطبق على وزير العمل أن يجوب الأردن طولا وعرضا لتفقد المصانع وورش العمل ،ويجترح حلولا لمشاكل العمال والحد من البطالة ،وتسهيل الإستثمار في البلد، وسنّ قانون لحماية المستثمرين المحليين والأجانب من سطوة المتنفذين، كي تبقى رساميلهم في البلد بدلا من هجرتها القسرية إلى بلدان قريبة وبعيدة مثل مصر وتركيا و حتى أريتيريا،كي نخفف من مشاكل المجتمع المتفجرة وهي البطالة والعنوسة والإجرام والإنحراف والمخدرات والإكتئاب والإنتحار والطلاق والتحرش والإغتصاب.
منذ أن تعرفت على البروفيسور أحمد ملاعبة وقمنا بجولات ميدانية ،إكتشفت جمال الأردن وغناه ،ولكنني في الوقت ذاته فجعت بمدى وحجم تقصير المسؤولين الأردنيين في مجال عملهم، وعجزهم عن ترويج وتسويق الأردن وإستغلال ثرواته والنهوض به ،وذلك لعدة أسباب منها عجز الوزراء المعينين على وجه الخصوص عن القيام بمهامهم المطلوبة منهم، لعدم الكفاءة والإختصاص لأنه لا يجوز تعيين مهندس كيماوي مسؤولا في قطاع الفنون الجميلة على سبيل المثال أو العكس ،وكذلك لأن جل همّ الغالبية منهم الخروج بمكاسب كثيرة وكبيرة لهم ولأبنائهم وحتى زوجتهم على حساب الشعب الغلبان.