د.عبدالله القضاة
عندما قال ذلك شهيد الوطن وصفي التل رحمه الله، كان يعي ما يقول، ونحن الأردنيين على يقين تام بأن وطننا لم ولن يحترق بإذن الله؛ فهناك العناية الربانية بأرض الحشد والرباط، والدعوة النبوية المباركة لبلاد الشام التي يشكل الأردن قلبها النابض، والتي بفضلها رزقنا بقيادة هاشمية حكيمة وجيش مصطفوي باسل تسنده أجهزة أمنية محترفة يلتف حولها شعب موحد متماسك.
الاستهداف الأمني الذي تعرضت له مملكتنا في غمرة احتفالاتنا في مئوية الدولة، أفشلته قواتنا المسلحة الأبية كما أفشلت العدوان الصهيوني قبل ما يقارب الخمسة عقود من الزمان، وستفشل بإذن الله كل عدوان متوقع من قوى الظلام والغطرسة في قادم الأيام. وهذا كله يبعث بالعديد من الرسائل الظاهرة والخفية لمن يعنيه الأمر.
الرسالة الأولى، والتي وصلت على جناح السرعة لكل عدو يتربص بهذا الحمى الأصيل، هي أن الأردن محمي بإذن الله من جيش وأجهزة أمنية صاحبة رسالة خالدة؛ عصية على الاختراق، نذرت نفسها كمشروع شهادة من أجل الوطن ومواطنيه، وأن هناك شعبا واحدا موحدا يقف بإرادة فولاذية بشكل طوعي قل نظيره في خندق هذا الجيش والأجهزة الأمنية؛ والأهم من ذلك أن الطرفين يقفان خلف قيادة هاشمية لم ولن تحيد عن رسالتها الخالدة.
الرسالة الثانية، فقد وصلت لجيشنا ولأجهزتنا الأمنية الباسلة، وبما لا يدع مجالا للشك، وهي أن الشعب الأردني بشتى منابته وأصوله ومشاربه يقف وحدة واحدة خلف جيشه وأجهزته الأمنية، واثقا كل الثقة بها ومطيعا كل الطاعة لأوامرها من خلال تنفيذ أي توجيهات تلزم لحماية الوطن والذود عن مقدراته.
أما الرسالة الثالثة، فهي موجهة لصناع القرار في الدولة الأردنية، ومفادها: أن لديكم عناصر قوة تفتقدها معظم دول العالم، فعليكم استثمارها، ولديكم بعض المخاطر التي من السهل جدا تحويلها إلى فرص.
وأرجو أن يتسع صدركم للإجابة على بعض من تساؤلاتي: ماهي الأسباب التي دفعت بعدد لا بأس به من الأردنيين للالتحاق بالتنظيمات الظلامية التي تسعى لإستهداف الوطن ومقدراته؟! ولمصلحة من تم إبعاد القيادات والكفاءات الوطنية ؟! ولماذا تغيب العدالة في توزيع مكتسبات التنمية والثروات الوطنية؟.
وكما يقال “المصائب التي لاتقضي علينا قوة لنا”؛ فهل نستثمر ماحدث لمراجعة سياساتنا الداخلية بنهج وطني تشاركي ونسمع صوت المواطن ضمن حوار وطني هادف يفضي إلى إصلاحات سياسية حقيقية تتضمن تعديلات دستورية يتبعها إقرارقوانين ملائمة للإنتخاب والأحزاب تؤسس لمرحلة نوعية من عمر الدولة الأردنية لولوج مئويتها الثانية على أسس ثابتة من الديمقراطية الحديثة ودولة القانون والمؤسسات المنيعة.
نتطلع الى استراتيجية وطنية شاملة تحدد مسار الدولة في المرحلة القادمة على الصعيد الداخلي والخارجي وتضع كل جهة امام مسؤولياتها الوطنية ، فكلنا شركاء في الدفاع عن الدولة وضمان منعتها وحمايتها ؛ نختلف او نتفق مع الحكومة ، فهذا أمر طبيعي ، أما أن نختلف على الثوابت الوطنية ، فهذا الخطر بعينه ، وعلينا جميعا ألا نسمح بذلك.