امجد فاضل فريحات
لم تكن تتوقع الحكومة الأردنية ممثلة بوزارة التربية والتعليم الوصول لهذه المرحلة من الرفض للمشاريع المطروحة من طرفها من قبل نقابة المعلمين ، ولم يكن في حسبانها انها ستقع مثل هذه الوقعة الخافضة والتي تكتوي الان بنارها ، وعلى الرغم من كل التدابير القانونية التي حصنت بها الحكومة نفسها في السنوات السابقة من عمر نقابة المعلمين إلا أن ذلك لم يمنع المعلمين من نسيان حقهم الذي ضيعته الحكومة واستقوت عليهم بمصادرته .
اليوم تجد الحكومةنفسها وجها لوجه مع ماتعتبره خصمها وعدوها اللدود ، هذا الخصم الذي حاولت وزارته أن تقزم من قواه في السابق لكنها تناست أن هذا المارد حتى لو قامت بتنييمه في السابق لكنه لن يرقد طويلا لأن هناك هيئة عامة للمعلمين كانت غير راضية عن هذا السكون لأن الحكومة لا تستحق هذه التضحيات ولا تعترف بها بنفس الوقت .
حالة الرفض للنهج الذي تعيشه الحكومة اليوم من قبل نقابة المعلمين لم يكن وليد اللحظة الحالية ، فمنذ استلام زمام الأمور من قبل مجلس النقابة الرابع بزعامة المرحوم الدكتور احمد الحجايا رحمه الله وهم يرسلون للحكومة اشارات وكتب ومخاطبات بهدف اللقاء ولكن الحكومة كانت تدير ظهرها لهم وكأنها تقول لهم نحن لا نعترف بكم او بالأحرى من انتم حتى نفاوضكم ، وكانت النتيجة وصولهم الى الحائط ووضعتهم في طريق مسدود وانزلتهم في بئر مظلم وكانت النتيجة ازدياد حالات الإحتقان وبشكل غير مسبوق وكانت النهاية إعلان حالة الإضراب طويلة الأجل واعلنت النقابة عن طلبها مجددا الحصول على حق ومستحق لدعم المعلم مقداره ٥٠℅ من الراتب الأساسي وبالمقابل الحكومة ترفض هذه الزيادة لأنها مسقطة من حساباتها ومن موازنتها الرسمية والوهمية دعم المعلمين ومهما كلف الثمن .
دخل الإضراب الآن الإسبوع الثالث والحكومة فشلت فشلا ذريعا في فضه نتيجة عدم الثقة بها من قبل المعلمين خاصة وأن هذا المجتمع ذاق تجربة سابقة ومريرة من التعامل العنجهي المتعالي وغير الصادق سواء (بالدفا او بالوفا) ، من هنا فالأزمة ازمة ثقة ، بالإضافة لعدم وجود ضامن حقيقي للحكومة ككفيل دفا حتى تعتذر الحكومةوتعترف بالإساءة والإعتداء الذي وقع على مجتمع المعلمين على الدوار الرابع سابقا دوار المرحوم الحجايا حاليا ومنعهم من ممارسة حقهم المحمي بموجب الدستور ، وكفيل وفا من اجل الإلتزام بالحق المستحق للمعلمين ومنذ عام ٢٠١٤م .
جولات محدودة وضيقة من الحوار جرت مع نقابة المعلمين من قبل الحكومة وتحاول الحكومة جاهدة ان تبتعد عن الرسمية في اللقاء ، ويحاول رئيس الحكومة ان ينأى بنفسه خلف الكواليس حتى لا يقع في فخ مجلس النقابة الحالي لأنه يدرك قوة هذا المجلس وبأنه غير مخترق وكان رئيسه أسد جسور هو الدكتور احمد الحجايا لكن القدر لم يمهله لهذه الأيام والتي يفتقده بها معشر المعلمين ، ولكن بنفس الوقت قيض الله أسد صهور هو الدكتور ناصر نواصره نائب النقيب ليكمل المسيرة وهو أهل لها وعلى قدر المسؤولية ، وبرحيل نقيب المعلمين الدكتور احمد الحجايا رحمه الله اصبح المعلمين ملتحمين أكثر من أي وقت مضى واصبحوا جميعا على قلب رجل واحد تخليدا لذكراه ووفاء له ، وهذا الشيء لم تدركه الحكومة جيدا لا بل انها لا تريد أن تتخيله لأنها غير مستعده للنزال لعدم وجود عمق في الحوار والنقاش لديها ، وكلنا يتذكر كيف واجهت الحكومة ممثلة بوزير داخليتها القمعي المعتصمين على الدوار الرابع ، والحكومة لا تمتلك سوى هذا الخيار لأن افقها الديموقراطي ضيق ولا تحسن التعامل مع مثل هذه الحالات .
في الختام اذا استمرت الحكومة في هذا العناد وعدم التراجع عن قرارها الأحادي الجانب فأن القادم سيكون عسيرا عليها وستفتح ابواب جهنم في وجهها بدءا من اعادة مطالبة النقابة بامتلاك صندوق الضمان الإجتماعي والمسيطر عليه من قبل وزارة التربية وفتح ملف الموجودات المالية المقدرة بمئات الملايبن ، ناهيكم عن ملف اكاديمية الملكة رانيا والأسرار التي بدأت تتكشف حولها بالإستحواذ على مقدرات وزارة التربية سواء في التدريب او التعيين او الجوائز وغيرها من اختصاصات الوزارة ، أما الجهات الرقابية من داخل الوزارة والتي تطارد المعلم في جميع المدارس وتطلب منه تقديم افضل ماعنده مقابل ظروف عمل صعبة وواقع مادي مرير لا يسمن ولا يغني من جوع فحدث ولا حرج ، وملف المناهج المعدلة في الرياضيات والعلوم للصفوف الدنيا فهذه لها قصة الف ليلة وليلة .
ختاما انصح الحكومة ان تحاور المعلمين وان تصل معهم الى اتفاق في علاوتهم وعدم ربط العلاوة بالمسار الوظيفي الا اذا طبقته على جميع الموظفين بدءا من الوزير وصولا الى الغفير ، وان لا تبث دعاية مفادها أن الإستجابة للمعلمين سيفتح عليها ابواب بقية النقابات لتطالب بتحسين اوضاع المنتسبين لها ، وليكن ذلك ولتفتح الأبواب وتقدم الحقوق المادية للموظفين .
انصحكم مرة أخرى ياحكومة بأن تفتحوا ابوابكم وشبابيككم واسمحوا لشمس الحرية والديمقراطية من الدخول الى اروقتكم المظلمة لأنها هي الكفيله باستمراركم في اماكنكم وبغير ذلك ستعودون للمربع الأول لأن الناس اليوم غيرالناس بالأمس ، والعاقل من يتعلم من اخطاء غيره .