حسين دعسة
– خيط الحرير!
صادته عينه، خيط حرير رفيع يختفي بين نقوش وتطريز الثوب- الفستان، هي تشعر بأنها ملاك حارس لبيت العائلة، جمالها قروي مشتعل بتلك الاعشاب والزيوت والعصائر التي تحولها الى اقنعة وتلصقها على وجهها الملائكي.
لبست الثوب ورقصت طويلا قبل ان تلبس غطاء الراس الذي هو عبارة عن قطعة من القماش الابيض الخفيف، زينة للفتيات، سلمى عجلت بوسم الثوب وانسل خيط حرير احمر، غادر حد تطريز الثوب، احتارت البنت وجعلت من ردن الغطاء، سترا لذلك الخيط المنفلت من قطبته.
عينه لمحت فتيلة الخيط تتزايد وتكر، تذكر انه الثوب ولا شئ يستر الجسم الكاعب الملائي غير هذا الخيط..
– ماذا لو انفلت وهي تراقص ابن عمها المنبوذ؟.
اطلق طلقات من خرطوش صيد قديم قطعت اسلاك الكهرباء. توقف الرقص، مالت العروس نحو امها وقالت:
-الحمد لله،خيط الحرير بخير.
2 – ازرق الشيد.
جاء موسم البراغيث مبكرا هاجت كلاب المزابل وتقطعت السبل بالطبيب البيطري الذي لم يجد في عيادته المتواضعة اي علاج، بدأ يهرش راسه، مأمور البريد، الشيخ.. ومعلم الصبيان يهرش، تحولت الرؤوس الى فروة صلعاء، البراغيث شلت الحياة.
وصل عيادة البلدة الشيد الابيض والنيلة الزرقاء، كتبت شروحات على كرتونة الشيد: يصلح لتبييض الجدران التي مرت عليها البراغيث
3 – قطف رمان غريب
رأى شجرة رمان، همست سيدة الفنجان، الرجل الصالح يرى الرؤيا فيصبح صاحب الهيبة1
..وصرخ في مرايا البيت:
-سيدتي الحجابة البصارة المومس، الصاعقة الماحقة:
– كانت الرمانات محاطة بالشوك، شوك حاد منعني من قطف الرمان ساعة الندى، توسدته وجاد في حلمي شجرة كنت باركت قطعها.
زنت الاشباح، تقافزت تلعب بكرات من رمان شهي، تدخل الكرات في شقوق المرايا العتيقة، تذكرت مرآة امي المزنرة بالفضة ونقش جلنار الرمان الاحمر الناري.
– افتني يا زمان.
– سال ظل الشبح المفسر وترك بألاسود كفنا لشهيد غنوا له، غنوا وسرقتهم الثورة فقد مات شجر الحواكير في بيتنا، حين وقفنا نلهث على الساحل الكنعاني الذي كان!
4 – مستودع الأسرار الصغيرة
– نسيت انني كنت لك الظهر والسند؟
قطع خيط الموسلين، انهى رتق الحذاء الذي بين يديه، ادار رقبته وقال بهدوء:
– فعلا يا قلبي، انت بعت ذهب عرسك واشتريت لي المحلة والماكنة، وانا كل يوم اعيش بين عشرات الاحذية واشم قرف الناس، واقول الشغل مش عيب!
– طيب لماذا تحلم بكل هذه النساء وانت نائم،سعاد وحنان وميرفت وروزا.. و..و
– هم من اراهم في نهاري، فلكل واحدة منهن حذاء او شبشب او بوط رياضة او مداس، يتجملن لي فأنا مستودع اقدامهن ومن يعرف اسرار اصابعهن وحناء كعب العروس من بنت المدرسة.
– وتعشق حكاياتهم وتتلبسك صورهم!
– ..لا شغل لي إلا بهجتهن ومداعباتهن..
– وانا؟
تحسس يدها وقبل رأسها :
– انت صاحبة المحل وسيدة مستودع الأسرار هذا.