سميح المعايطة
لم يكن الاردن يوما دولة خالية من القلق والمشكلات القادمة من الداخل او الخارج وهذا حال معظم او جميع الدول لكن الاردن دولة نشات في أجواء صناعة ازمة كبرى وهي المشروع الصهيوني وحملت اثار هذا المشروع وحروب المنطقة بكل تفاصيلها ،كما أنه دولة نشأت وهي تبحث عن موارد تكفيها ،فضلا عن واقع عربي قام على المؤامرات والحسد .
وبعيدا عن التاريخ فان الاردن اليوم مثل كل المراحل مازال يدفع ثمن ازمة كورونا ،ومازال يدفع ثمن بقاء قضية فلسطين بلا حل حقيقي منصف للفلسطينيين ،ومازال في داخله يبحث عن حلول لازمات تراكمت في اقتصاده وبنيته الاجتماعية ،ومازال يبحث عن وصفة اصلاح تحظى بثقة الاردنيين .
لكن الاردن الذي تعرض خلال الشهور الاخيرة لازمات حقيقيه سياسية وجد طريقا للخروج منها باقل الخسائر ،فملف الفتنه بكل ابعاده كان صعبا لانه لم يكن قصة داخلية فحسب بل كان محاولة جادة من قوى دولية واقليمية لتغيير بنية النظام السياسي الاردني او على الاقل ارباكه ودفعه للبحث عن مسار امن حتى لو كان مكلفا سياسيا ووطنيا.
وكذلك كان الحال مع ماجرى في مجلس النواب الذي عمل البعض لتصديره على انه مواجهة بين النظام السياسي والعشائر الاردنية ،واخيرا كان العدوان على غزة بتداعياته الداخلية.
ورغم وجود بعض الثغرات في الأداء الا ان الدولة تجاوزت الازمات الثلاث باقل الخسائر ، ومنها دخلت سريعا الى مسار الاصلاح عبر تشكيل اللجنه التي لقيت صخبا ومزاجا سيئا لكن كل هذا قابل للتحول الى مرحلة ايجابية فيما لو نجح المسار الاصلاحي في تقديم مخرجات مقنعه للأردنيين وقادرة على إدخالنا في مرحلة سياسية ايجابية .
رغم ازمات الداخل الناتجه عن الاقتصاد او عن اصابع الخارج او عن ضعف الأداء في ادارة بعض الملفات الا ان الخروج منها باقل الأثمان يجعل الدولة اقل قلقا بل يمكنها ان تعيد ترتيب اوراقها الداخلية بشكل يعزز الأجواء الايجابية ،لكن هذا يحتاج الى خطوات سياسية واقتصادية يشعر معها الاردنييون ان القادم افضل .
كل ماهو في الداخل يترافق مع حدثين صنعا نوعا من الانفراج لدى الاردن اولها خسارة ترامب الذي كان منزعجا من الموقف الاردني تجاه صفقة القرن ،هذا الانزعاج الذي تحول الى ضغط سياسي كبير وطلبات مباشرة لو قبلها الاردن لكان عليه دفع الثمن من مبررات وجوده ،فالمطلوب كان يعني ان لايبقى الاردن اردن ولا فلسطين فلسطين،ولولا البناء المتراكم للعلاقات الاردنية مع مؤسسات القرار الامريكي لكان هناك ثمن مباشر من المساعدات الامريكية وامور اخرى .
ذهب ترامب وذهب قبل ايام شريكه نتنياهو الذي كان عدوا حقيقيا للاردن ،وكانت شهيته مفتوحه لاستثمار كل الدعم لمشروعه من قبل ترامب ،وكان رافضا ومنزعجا من الندية الاردنية في رفض سياسات حكومته.
ذهب نتنياهو لكن البديل ليس فيه حتى الان ما هو افضل من حيث السياسات مما كان مع نتنياهو ،لكن رحيل نتنياهو امر ايجابي لشخصه وعداءه للاردن .
هل الاردن مرتاح ،،…ليس هناك اجابات محددة لكن هذه المرحلة اقل قلقا وضغوطات من المرحلة السابقه ،وربما تكون الفرصة مناسبه للدولة ان تستثمرها في تفكيك الملفات الداخلية باتجاه ايجابي .
الدول غالبا لاتكون في حالة سعادة واسترخاء بل هي تتحرك بين المراحل مابين السيئة او القلقه الى الاقل قلقا ،او الى تلك التي تحمل للدولة الفرصة على التقاط الانفاس داخليا او خارجيا .