
نسيم عنيزات
تكاد لا تخلو الصالونات السياسية و المجتمعية من الحديث في اغلب اوقاتها عن استحقاقات مقبلة عليها الدولة الاردنية، مصبوغة بتكهنات وتوقعات يغلب عليها اليقين من انها اتية لا محالة.
و يتفق الجميع على ان التحديات التي واجهها وما زال الاردن من اوضاع اقتصادية وسياسية نتيجة التغيرات الدولية ومواقفها التي يبحث بعضها عن مصالحه في المنطقة مستغلا الحالة العربية وما وصلت له من خلافات وتباين في المواقف، حتى وصل هذا التباين الى القضية الفلسطينة التي كانت تجمع وتوحد الموقف العربي.
وبالعودة الى الاستحقاقات التي يتحدث عنها الاغلبية وتربط اي حدث او مستجد او حتى قرار بانه لغايات هذا الاستحقاق او تمهيد له فعند حل مجلس النواب و الدعوة الى الانتخابات البرلمانية و انتخاب رئيسه او عند تشكيل اي حكومة واختيار اعضائها فان الهدف والفكرة منها هي تنفيذ لهذه الاستحقاقات وفقا لتفسير الصالونات وما يصدر عنها.
حديث نسمع عنه منذ سنوات دون ان نعرف ما هو المقصود بهذه الاستحقاقات وماهي نوعيتها وكيفيتها التي اصبحت بنظر البعض قدرا واقعا لا مفر منه.
والغريب هنا الاختلاف بالتفسيرات فهناك من يشير الى تغيرات تتعلق بالقضية الفلسطينية وموضوع الضم والقدس والمقدسات في حين يذهب البعض الاخر الى منحى اخر.
ومما يزيد الامر غرابة حالة التناقض الغريبة التي نعيشها هذه الايام وعملية ربطها بالقادم، فعند اجراء تغييرات في الدولة وتركيبتها كمجلس الاعيان والتشكيلة الحكومة ينظر الشارع الى ان الهدف منها الاستحقاقات القادمة، وعند العودة الى رموزها وضمهم الى مجلس الاعيان او في بعض المراكز والمناصب القيادية نغمز ايضا الى الاستحقاقات.
واذا ادرنا عجلة الذاكرة الى الوراء قليلا او كثيرا لنساءل متى كان الاردن بمنأى عن التحديات او بعيدا عن العواصف الدولية والمنطقة المحيطة به و التي تعج بالحروب والاقتتال وما يفرضه علينا من اثار وانعكاسات ، وما يتطلبه كذلك من مواقف حيالها وحالة الشد والتجاذب الدولي الذي يعيش انقسامات وتسابقا لبسط السيطرة وفرض النفوذ.
بعد ان اصبحت جميع العلاقات الدولية مرهونة ومبنية على هذه المواقف بغض النظر عن اثرها على الدولة نفسها لاننا في زمن القوي يأكل الضعف بعد ان تجرد البعض من القيم الاخلاقية والانسانية.
ولا يغيب عن الذهن ايضا التعنت الإسرائيلي الذي زاد شراسة الى وحشيته وعنصريته مستغلا وجود رونالد ترامب على سدة الحكم في الولايات المتحدة الامريكية الذي ضرب عرض الحائط بجميع المواقف والقرارات الدولية المتعلقة بفلسطين وشعبها وحقهم في اقامة دولتهم المستقلة، مما زاد من صعوبة الموقف الاردني الذي يحاول ان يمسك العصا من المنتصف بهدف الخروج باقل الخسائر او على الاقل كسب الوقت حتى تمر العاصفة على امل احداث تغييرات او ثغرات تمكنه من الدخول منها للمحافظة على امنه واستقراره.