سهير جرادات
إن توظيف جهات معينة لبعض الصحفيين والإعلاميين ومنحهم الحماية ، أوجدت حالة من ” الاستقواء ” ، يتمتع بها بعضهم لولائهم ل ” للجماعة ” ، وبعضهم لولائهم ” لجماعة الفوق ” ، وبعضهم الآخر الذين يمثلون جماعة ” الجالسون على الكراسي” .. وجميعهم ينطقون بلسان الجهة التي يتبعون لها ويمثلونها ويمررون المعلومات – المراد تمريرها- ويُعرفون بكتاب الدعسة الفجائية ( يكتبون ما يؤمرون به ) ، والأهم أنهم لا يحاسبون…
وما زالت أصداء ذلك المقال الأكثر تداولا للكاتب الصحفي الذي ضرب بعرض الحائط قرار النائب العام ، الذي منع النشر والتطرق لمجريات التحقيق في الموضوع المتعلق “بالفتنة الداخلية” وسريته والأدلة ، هذا الكاتب “عَرضَ حقائق قد تؤثر على مجريات التحقيق “، وعلى الرغم من ذلك لم تحرك السلطة القضائية ساكنا .. والأمر لم يتوقف هنا ، بل وصل بإحدى الإعلاميات المعروفة بعلاقتها المميزة مع القصر – منذ عقود – إذ أنها لسنوات كانت صاحبة السبق الصحفي عندما تشكل الحكومات ، حيث أثارت ” قضية التشكيك ” بالصورة التي جمعت الملك مع إخوته خلال زيارتهم للأضرحة ، وقالت إنها أُخذت في مناسبة قديمة ( ولا ندري إن كانت مقصودة من جهات ارتأت أن يبقى باب التشكيك مفتوحا ) أو أنها خطأ بالفعل…!!
وفي الذكرة أيضا العديد من الحوادث الأخرى المماثلة ، أذكر منها المقالة الصحافية الشهيرة حول “عدم توفردينار واحد من الرواتب في خزينة الدولة “.. والزميل الصحفي صاحب نظرية الخزينة الفارغة الذي لم يتم استدعاؤه ولا محاسبته ولا حتى مناقشته ، إنما تم دعوته لشرب فنجان قهوة في إحدى الجهات التي لا تقدم ولا تؤخر ، وكأنه لم يكتب ولم يروع المواطنين !!.. وجميعنا يذكر ذلك الصحفي المشهود له بأنه كلما غضب من أسياده كتب منشورا على صفحته أو غرد تغريدة نارية بحق وزير أو مسؤول أو جهاز بعينه ،إلا أنه بالتأكيد لم نشهد في أي منها أي مساءلة أو توقيف ذلك ( المقرب ).. وما زالت في الذاكرة قضية الزميل الخبير الإقتصادي – رحمة الله – الذي كتبت “إحدى الجهات” عنه تكذيبا لتصريح اعلامي له حول “فرق أسعار الوقود ” في الأردن. !!..
هؤلاء الصحفيون والاعلاميون ينطبق عليهم قول ” فرفور وذنبه مغفور ” لأنهم رغم ارتكابهم لتجاوزات إلا أنهم بعيدون عن المحاسبة ..فيما لو ارتكب آخرون من غير التابعين أو الموالين لجهة معينة من الثالوث ( المحمي ) لسارع القضاء إلى استدعائهم وتوقيفهم وتجريمهم وإصدار الحكم عليهم فورا ، وهذه المحاباة أوجدت صحفيا مستقلا حرا يتلمس كلماته قبل كتابتها خوفا من أن تقوم الدنيا عليه ولا تقعد ، وكأنه هو المسؤول الرئيس عن خراب البلد ، وهذا دليل على أن الجميع ليسوا تحت القانون !!..
هذه الأحداث تعطينا مؤشرا إلى أن هناك تطاولا لبعض الصحفيين والإعلاميين (المحظيين)، فقط لأن جهات تقف خلفهم وتدعمهم وتحميهم وتُميزهم وتجعلهم فوق القانون .. وهناك فئة أخرى أصابها الظلم والقهر، لوجود أشخاص مرعوبين من شدة ضعفهم حتى اصبحوا يحاسبون على النوايا ، لتصل بهم الأمور الى وضع لا يحتمل ، وينذر بالخطر لفقد العدالة والمنطق وشيوع الخوف لدى الكثيرين ، بينما الذين تحميهم جهات معينة هي لا تعلم بأنها تزيد بين فئات المجتمع الواحد الهوة والفجوة ..
والموضوع لا يتوقف عند الاعلام فقط ، بل وصلنا إلى حالة من التخبط والاستقواء في جميع مناحي الحياة بعد فقدان البوصلة في كل شيء ..ولم نعد ندرك الصح من الخطأ، فانعكس ذلك على تصرفاتنا بصورة أضحكتنا جميعا ..فهل يعقل أن نصل إلى مرحلة من الرعب المسكون داخلنا بأن نخاف من مسلسل” أم الدراهم ” الممنوع من العرض لمجرد أنه ( قد ) يسقطه بعض المغرضين على ما يدور في الساحة الداخلية من أحداث سياسية حول الحديث عن قضية ” التحريض ” ..!!
ويستمرالتخبط ليطال وقف التنفيذ في حكم على فتاة اعتزت وافتخرت بوالدها وهو أمر ليس بكفر، لأننا هكذا تربينا على أن الاب هو كل شيء ، وحتى في دفتر العائلة يكتب تحت خانة ” رب الأسرة “، فأي ذنب وكفر ارتكبته تلك الفتاة التي اختالت بوالدها !!..
إن وجود حالة الاسقواء بين بعض الصحفيين والإعلاميين ، حصرت المعلومة بيد هؤلاء ( المحظيين) لاستحواذهم على المصادر التي تنفتح عليهم تقديرا للجهات التي تقف خلفهم ، الأمر الذي أكسبهم المصداقية مقابل خسارة الإعلامي المستقل لمصداقيته الذي يضطر الى اللجوء لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات ، وأن ينتظر من أسبوعين إلى ستة أسابيع ليحصل في النهاية على الإجابة المعهودة (الوثائق والمعلومة والبيانات التي طلبتها تعد سرية ، ومصنفه تحت بند من اسرار الدولة)…
مع كل تجاوز إعلامي نصل إلى يقين بأن القانون لا يُطبق على الجميع .. فهناك من يسرحون ويمرحون فوق القانون .. والغالبية من الإعلاميين والصحفيين يقبعون تحت غياهب القانون ..