يوسف غيشان
بعد 30 يوما من اليوم، وتحديدا في 16 يونيو/حزيران، الذكرى السنوية لتحليق أول رائدة فضاء في العالم وبطلة الاتحاد السوفيتي فالينتينا تيريشكوفا.
نفذت تيريشكوفا 48 دورة حول الأرض على متن مركبة الفضاء «فوستوك-6» في 16 يونيو/حزيران 1963، وقضت ثلاثة أيام تقريبا في الفضاء الخارجي.
قالت تيرشكوفا قبل ثماني سنوات تقريبا: «أن حالة طوارئ حدثت في اليوم الأول للرحلة التاريخية وقدأبلغت الأرض عنها.وأشارت الى أنه عند الهبوط تم وضع برنامج خطأ، أعطى أمرا بالإرتفاع بدلا من الهبوط، ثم قالت بأنها ابلغت الأرض عن الخطأ « ثم وصلتني البيانات الجديدة ووضعتها في جهاز الكمبيوتر، وتم الهبوط بنجاح»
ما لفت نظري في الموضوع هو ان تيرشكوفا أخفت – كما قالت – هذه المعلومات استجابة لطلب كبير مصممي الصواريخ وتكنولوجيا الفضاء سيرغي كوروليوف. وهذا هو بيت القصيد.
استدرك بأنني من الممكن أن أبرر جزئيا لرائدة الفضاء المحترمة هذا الإخفاء للمعلومة، على قاعدة التنافس والصراع بين الاتحاد السوفييتي وأمريكا في كل المجالات آنذاك. لكن للأسف الشديد يبدو أن هذا الإخفاء تحول من خانة الحالات الطارئة الى جميع الحالات:
العامل الفني يخفي الخطأ إذا لاحظه خلال تصنيع البرغي، ومراقب العمال يخفي الموضوع حتى لا يضطر للعمل ساعة إضافية بلا أجر، والمهندس يتجاهل الموضوع ومدير المصنع ينسى الموضوع.
يذهب البرغي الى مركبة الفضاء، يتجاهل المهندس الصغير الانحراف في البرغي وسوء مصنعيته، على أساس أنه مجرد برغي صغير في مركبة عملاقة، ويرى كبير المصممين الخطأ في البرغي، لكن العد التنازلي لرحلة المركبة يكون على وشك الشروع.
وهكذا تصعد مركبة الفضاء، ويحدث أول خطأ حلال الدوران حول الكرة الأرضية، حيث تبين أن مركبة الفضاء تبتعد قليلا عن الأرض كل دورة حولها، وهذا غير مسموح، لأن 48 دورة حول الأرض تعني الخروج من مجال الجاذبية الى الفضاء المظلم …ويتم اصلاح هذا الخطأ بعد جهد جهيد.
وعند اقتراب المركبة من منطقة الهبوط، أعطى الكمبيوتر أمرا بالصعود بدل الهبوط، وهو خطأ فادح، لكن رائدة الفضاء تمكنت من السيطرة عليه ولما هبطت المركبة بنجاح، طلب منها كبير المهندسين عدم التحدث حول الأخطاء مطلقا.
هكذا أخطاء تراكمت وتراكمت حتى تحولت إلى كتل من الأخطاء غير المعلن عنها، وغير المعترف بها، الى أن غطت مساحة الإتحاد السوفييتي بأكمله، فسقط وتهاوى مثل (شمبر اللوكس).
هذا البرغي الصغير دمر الإتحاد السوفييتي بعد ربع قرن ونيف.
نحتاج الى شجاعة …. الى التوقف لحظة والتفكير فيما نفعل في دولنا وشعوبنا والتفكير لحظة قبل أن نتهاوى مثل شمبر اللوكس.
الدستور