الدكتور محمد القرعان
البناء الوطني تشاركي
في ظل تشرذم الرؤى ، وتحطم الاحلام، وخيبة الامال ، وترامي التهم، وغياب المسؤولية، وتناقض الروايات، وتضارب التصريحات، وتفرق الطرق ، هل نراهن على التغيير ؟ وهل هناك بصيص أمل للسير قدما ؟
اما نحتاج الى اعداد نشيء جديد مفعم بثقافة الامل وتحقيق المنشود ، ومؤمن باخلاص للعمل للارتقاء بالوطن ؟
الكل هنا مسؤول راعي ورعية ، وما نحن الا على بقعة من هذه الكرة الارضية نستطيع جميعا متكاتفين غير متناحرين وضعها بالمكان الذي نريد ولا شيء عزيز بوجود العزيمة وطول الامد . فمنهم من صنع منها المستحيل وباتت دولة لها اصلها وفرعها يحكمها القانون وتسودها العدالة، واصبحت مثلا يحتذى بالزهو ومضرب مثل بالنظام والاتيكيت المؤسسي والجماهيري ، سويسرا ، السويد ، النرويج ، بريطانيا ، سنغافوره ، النمسا ، اليابان ، الصين ، بعدما كانت دول دمرتها الحروب وعاشت ويلات عصور من الظلام والجهل ، وانتزعت منها الكثير من الاحلام ثم عادت لتبني ولتحتل الصدارة في المشهد الدولي وذلك بسيادة القانون ، وتكافؤ الفرص، وارتفاع الدخل ، بفضل سياساتها ،وساستها ، وشرعية حكوماتها النابضة قلوبها باحتياجات افرادها ، وهم من صدقوا وطنهم فصدق معهم وتنادت معهم الطموحات حتى ارتفع البناء الوطني بشكل عام .
شعوب اختارت لنفسها العلو ودخلت التاريخ من اوسع ابوابه ؛فحققت ما طمحت به ؛ فالاصل ان يكون البناء للوطن تشاركي وجماعي ما بين الدولة والشعب وهو تعبير صريح عن ما يسمى العقد الاجتماعي الذي يفضي الى دولة مدنية، باعتباره الفيصل والرابط بين الجانبين الحكومات والشعوب ؛ فاذما تخلت الحكومات عن مسؤولياتها وقصرت وفسدت فهناك عقد يحكمها وهو ميثاق، وقد عبر عنه اليوم بالبرلمان كونه ممثل الشعب ويملك صلاحيات محاسبة الحكومة على التقصير ،اما اذا تخلت اي جهة من السلطات الثلاث عن مسؤولياتها وانفاذ القانون وغرقت برغد الفساد ، فيصبح هنالك اختلال في التوازن وخلل بناء المنظومة السياسية للدولة بحيث تتغول احداها على الاخرى وبالتالي يفقد الافراد ثقتهم بمؤسساتهم وهنا الكارثة والطامة الكبرى لأن من الصعب جدا استعادة ثقة المجتمع اذا ما اعتراها زعزعة وخيبة .
نحن بحاجة الى جلسة صافية مع انفسنا شعبا وحكومة وبرلمانا وجميع الوان المجتمع لتصحيح المسار وتنظيفه مما علقه به من سوء تقدير وتجني وظلم واجحاد .
وطنا يعنينا ، ويجب ان نبذل كل ما بوسعنا لسلامة الاردن وان نكون على استعداد ليكون دافئا مطمئنا مستقرا ونسأل انفسنا ماذا قدمنا نحن كمواطنين ومسؤولين للاردن؟