بعد فتح الاقتصاد وعودة غالبية النشاطات الاقتصادية للعمل والإنتاج، تزداد أهمية أن يكون هناك وعي جمعي والتزام فردي وجماعي بالتباعد الصحي وبشكل صارم يمكّن السلطات الطبية لكي تستمر بنجاحها بالسيطرة على وباء فيروس كورونا. الكرة الآن في ملعب الناس والمنشآت الاقتصادية التي إن لم تلتزم أجبرت السلطات الصحية والرسمية على العودة للحظر من جديد الذي ألحق الأذى الاقتصادي العميق بالناس وبالقطاعات الاقتصادية المختلفة. علينا جميعا أن نكون حراسا أمنين على تطبيق التباعد الاجتماعي، وشخصيا لم أستغرب بل وأعجبني أمر الدفاع الذي خصص لتطبيق التباعد ولبس الكمامات والكفوف لما لهذا من أثر كبير على منع تفشي الوباء واستمرار فتح الاقتصاد. لن تستطيع السلطات وضع شرطي أمام كل منشأة أو في كل شارع وحي، لذا فالوعي والجدية بالتعامل مع هذا الوباء من خلال العزل الصارم واجب وطني على كل واحد منا. هذا ليس مجالا للمزاح ولا الاستخفاف، إنه أمر جدي، الاستهانة به تعني العودة لغلق الاقتصاد لا قدر الله بكل ما يعنيه ذلك من معاناة. لذا لا بد من وعي فردي، وبالتزامن لا بد من تطبيق قانون الدفاع على المخالفين، وأن يعلن عن عدد المخالفات الفردية وعدد المنشآت التي أغلقت بسبب عدم الالتزام فمن شأن ذلك أن يخلق حالة من الردع العام والالتزام بالتباعد الاجتماعي الضروري للسيطرة على الوباء اللعين. تزداد اهمية وخطورة هذا الامر ونحن مقبلون على موسم الانتخابات النيابية. لم يعرف بعد وقت الانتخابات فهذا كله مرتبط بالوضع الوبائي والصحي بالبلد، وثمة سيناريوهات ومخارج دستورية عديدة لاجراء الانتخابات كلها حتما قيد الدراسة. الثابت ان الانتخابات ستجري ونحن نعيش مع الوباء وقد يكون مع نهاياته، وهذا يحتم اجراء الانتخابات في ضوء التباعد الاجتماعي والانتخابي وهو امر غريب وطارئ على عاداتنا واجواء حملاتنا الانتخابية. لكن رب ضارة نافعة، ربما هذا سيجود من الحملات الانتخابية ويرقمنها، وربما لن يفوز من يقدم الكميات الاكبر من الكنافة والمناسف، ربما ستكون انتخاباتنا برامجية تتمحور حول السياسات وتبتعد عن الشخصانية كما كنا نحلم، ربما ستفرز الانتخابات الأقدر على وضع برنامج انتخابي أفضل ويضع لذلك البرنامج شعارات ذات مضمون محترم يجلب الأصوات لمنفعة الناس والبلد، ربما سيفوز مزيد من الشباب المتطور الذي يؤمن بالحداثة والرقمنة وينحو لها. بكل الأحوال، ستستمر حياتنا بالتأثر وانتخاباتنا أيضا ستتأثر بسبب وباء كورونا وما يمليه من ضرورات التباعد الاجتماعي، وهذا الـثأثر يحمل من الإيجابيات كما يحمل ضغوطات. تعاملنا مع تداعيات هذا الوباء والالتزام بالتباعد الاجتماعي سيكون واجبا على كل واحد فينا، وهذا سيغير حتما من بعض عاداتنا الاجتماعية الدخيلة، وقد يزيد من جودة حملاتنا الانتخابية، والأهم من هذا وذاك، أنه سيكون لتباعدنا الاجتماعي أكبر الأثر في السيطرة على هذا الوباء الفيروسي الذي استباح العالم ما يعني استمرار فتح الاقتصاد.(الغد)