محمد العضايلة
التحديات التي تواجه الإعلام (العربي)
محمد العضايلة
يواجه الإعلام العربي خلال المرحلة الحالية تحديات جسيمة ناتجة عن تطور الأحداث التي تشهدها الساحة السياسية والإقتصادية عربياً ودولياً. ولا يخفى علينا أن الإعلام المعاصر أهم وسيلة للتأثير على الأفراد والجماعات والشعوب، خاصة ما أثبته خلال ما سمي بالربيع العربي.
وما يشهده العالم في الوقت الراهن من ثورة في عالم المعلومات والاتصال أو ما يطلق عليه (العولمة) نجد أنها تلقي بضلالها على البنية الفكرية والثقافية والحضارية لدى الشعوب، وهنا في العالم العربي نجد أنفسنا وجهاً لوجه أمام هذا التحدي (الغربي) بالإضافة للعديد من التحديات الداخلية المرتبطة وبشكل مباشر في صناعة المحتوى الإعلامي العربي من كفاءات أو تدريب أو تأهيل بالإضافة لغلبة سياسة الربحية والبعد المادي، والأهم من ذلك صناعة محتوى ممنهج يخدم أجندات سياسية ودينية وطائفية.
من هنا يجدر بمؤسساتنا الإعلامية العربية إشراك الشباب في صناعة المحتوى الإعلامي العربي نظراً لكون الشباب يشكلون ما نسبته 70% من غالبية المجتمعات العربية وهم الأقدر والأكفء في التعامل مع الأساليب الإعلامية الجديدة وقد أثبتوا بالفعل أنهم على على هذا القدر من المسؤولية وبإعتبارهم الفئة الأكثر استهدافاً من قبل الرسائل الإعلامية المنتجة. خاصة مع إتاحة مساحات من بث منصات التلفزة العربية لجماعات إرهابية أو فكرية متطرفة وتروج لأفكارهم ومعتقداتهم تحت شعار الجهادين وغيرها.
أثناء مشاركتي في اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب في دورته العادية التاسعة والأربعون في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة في مايو الماضي، كان من أهم البنود التي تمت مناقشتها (متابعة خطة التحرك الإعلامي العربي في الخارج) فالإعلام العربى لم ينجح حتى الآن فى مخاطبة الرأي العام العالمى والوصول إليه بشكل مباشر وفاعل ولم يتحدث بلغته أو فكره، ولم ينجح في الترويج لثقافتنا او منجزاتنا في الدول الغربية رغم مواصلة الماكينة الإعلامية الغربية جهودها العملاقة في الترويج للسياسية الغربية وعولمة ميداين إعلامية وثقافية وسياسية وفكرية في دولنا العربية من خلال قنواتها الأجنبية الناطقة باللغة العربية، والتي لاقت رواجا هائلا ومصداقية منقطعة النظير بين شعوبنا العربية.
وهنا نشيد كـ (مراقبين) بالتحركات العربية الساعية لتحسين واقع الإعلام العربي ضمن إطار التشاركية والعمل العربي المشترك كإنشاء عدد من المؤسسات الإعلامية المتخصصة بالعمل العربي المشترك ضمن إطار جامعة الدول العربية وجهود اللجنة الدائمة للإعلام العربي والآمانة العامة لشؤون الإعلام والاتصال في جامعة الدول العربية بالإضافة للعديد من المؤسسات والهيئات والإتحاد العربية الممارسة لمهام إعلامية ضمن هذا الإطا ر.
فالعالم كله يعى تماما خطورة سلاح الإعلام، ولن يصبح لدينا إعلام عربي قوي ومؤثر على المستوى العربي والدولي، إلا إذا كانت هناك رؤية واضحة للتعامل مع الإعلام المحلي لكل دولة عربية ، خاصة فى ظل وجود قوى مهيمنة للقطاع الخاص فى هذا المجال وانتشار الإعلام الجديد فالإعلام والاتصال والثورة المعلوماتية أصبحت عناوين الرهانات الرئيسة والاستراتيجية التي يتصارع حولها الشرق والغرب . والسؤال الذي يستوقفنا هنا هو هل من استراتيجية إعلامية عربية ؟ …. وهل نحن بحاجة إلى حوار مع الحضارات ؟.. فحوار الحضارات أصبح السبيل الوحيد للوصول إلى الآخر من خلال فتح قنوات سليمة وصحية لمواجهة الدعاية والتشويه والتضليل. والتحدي الأكبر الذي يواجه الدول العربية في مجال الإعلام هو تحرير هذا الإعلام وتحرير الطاقات والمهارات والإبداعات فيه من خلال الاستغلال الأمثل للقدرات والطاقات والإمكانيات المادية والبشرية لبناء قاعدة سليمة نحو صناعة محتوى إعلامي عربي بشكل متطور وفاعل يستطيع أن ينافس وأن يقنع الاخر ويقدم الأفكار والقيم والأصالة والهوية العربية للآخرين .
في الختام .. لا بد لنا ان (نعترف) أن الإعلام العربي لا يزال بحاجة إلى خطوات كبيرة وجريئة ولن يتحقق ذلك إلا بوجود إستراتيجية إعلامية عربية موحدة وضمن آلية تستند إلى معايير أساسية وحضارية وثقافية للتغلب على المشكلة الراهنة تَعمل وتُدار ضمن إطار جامعة الدول العربية ومجلس وزراء الإعلام العرب .