رزان جعفر المومني
في ظل بروز مفهوم المجتمع المحافظ وسيادة ثقافة ” العيب ” على مجتمعاتنا العربية ، لم نعتد على سماع مفاهيم مثل التحرش ، الإغتصاب ، العنف ، ونتيجة لذلك فإن أغلب ضحايا هذة القضايا تم تكميم أفواههم، وغياب حقوقهم بل وتجريمهم وإلقاء اللوم عليهم في كثير من الأحيان.
التحرش ظاهرة إجتماعية خطيرة تأخد عدة أشكال منها الجنسي كاللمس ، التتبع ، اعتراض الطريق ، والتفوه بعبارات غير مناسبة على الضحية في الأماكن العامة.
تواجه ظاهرة التحرش الجنسي وحتى محاولة الكشف عنها بحالة من المقاومة وإلانكار والتقليل من شأنها كظاهرة إجتماعية ، والميل للوم الضحية وتحميلها عبء الإثبات الذي أدى على مدى العقود لانتشار حالة من السكوت عن التحرش ، ويكمن خطر إنكار وجود التحرش الجنسي إلى جانبين أساسيين هما استمرار إفلات الجاني من العقاب وبالتالي تكرار فعله على الضحية وضحايا آخرين ، وتطور التحرش من الإيماء واللفظ ليصل إلى مستوى التحرش الجسدي وحتى هتك العرض وأحيانا الأغتصاب.
تتنوع أسباب التحرش وتختلف من شخصٍ لآخر طبقًا لنظرته وأحكامه الخاصة ، وبعد أخذ العديد من وجهات النظر من داخل مجتمعنا وضع البعض اللوم على نوعية اللباس الخاص بالمرأة ، والبعض الآخر أشار إلى انعدام التربية والتنشئة السليمة،إضافة إلى غياب العقوبات الرادعة بحق المتحرش ، البعد عن الدين ، التبريرات المغالطة التي يلقى بها المجتمع على الضحية ، عدم نشر ثقافة الاختلاط الطبيعي ، الفصل بين الجنسين ، النظرة الخاطئة للجنس الآخر ، الاستخفاف في الضحية ، البيئة المعززة للتحرش الكبت الجنسي وغياب الرقابة الأسرية في ظل انتشار المواقع الإباحية بين الأطياف الشابة.
فيما اوعز البعض السبب إلى المشاكل الأسرية والتفكك الأسري،والمشاكل الأقتصادية التي حالت دون زواج أعداد كبيرة من الشباب،والتربية الفاسدة كما وصفها البعض التي لا تطبق على الذكور لأسباب وعادات إجتماعية ترى العيب في جسد المرأة وطريقة لبسها.
وفي دراسة للجنة الوطنية لشؤون المرأة تحت عنوان ” التحرش في الأردن ” قالت الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة الدكتورة سلمى النمس أنه وكما في معظم أنحاء العالم
وبينت الدراسة بأنه لم يعد مقبولاً القول بأن أسباب التحرش وهو أصبح يشكل ظاهرة مقلقة في المجتمع مرتبطة بشكل مباشر بملابس النساء والفتيات أو أعامرهن أو الأماكن التي يتواجدن فيها ، وإنما هو نتاج مباشر للخلل الحاصل بمنظومة القيم والأخلاق في المجتمع ، التي له علاقة تربطه أيضًا بتفشي نسب البطالة والكبت الجنسي وتأخر الزواج ، كما وتساهم حالة الإنكار التي تسود المجتمع من وجود هذه الظاهرة في تفشيها وتمادي مرتكبيها.
وأَوصت اللجنة في نهاية الدراسة إلى وضع معالجة ظاهرة التحرش الجنسي أولوية قصوى ، من أجل ضمان أن تتمتع جميع الإناث على وجه التحديد بحياة خاليه من كافة أشكال العنف الممارسة ضدهن.
و الحاجة أصبحت ملحة لوجود إرادة سياسية قائمة على الالتزام الواضح والفعال بالعمل على القضاء على ظاهرة التحرش الجنسي. وعلى مستوى تغير السلوكيات والمواقف المسبقة القائمة على لوم الضحايا ووضع معايير وأتخاذ تدابير من شأنها حماية ووقاية الضحايا من العنف بشكل عام والتحرش الجنسي بشكل خاص.