د عماد الدين زغول
شهد الشرق الأوسط خلال العقود الأخيرة تحولات سياسية عميقة أثرت بشكل جذري على البنية السياسية والاجتماعية للدول في المنطقة. لعبت الفصائل الإسلامية دورًا بارزًا في هذه التحولات، سواءً من خلال تأثيرها على الحركات الشعبية أو مشاركتها في الصراعات السياسية والعسكرية. ويمكن اعتبار هذه الفصائل نموذجًا لفهم التحولات التي يمر بها الشرق الأوسط ايدولوجيا واعتماد هذه الايدلوجيا من الدول المسيطره الكبرى في المنطقة، وذلك من خلال دراسة أدوارها، أسباب ظهورها، وتداعياتها على المنطقة. وهنا يصلح البحث في أسباب ظهور الفصائل الإسلامية؛ فتازيخيا ارتبط ظهور الفصائل الإسلامية بأحداث تاريخية كبرى مثل انهيار الدولة العثمانية في بداية القرن العشرين، والذي أدى إلى فراغ سياسي وديني. نشأت الحركات الإسلامية كرد فعل على الاستعمار الغربي والهيمنة الثقافية والسياسية التي فرضت على العالم الإسلامي. كما ساهمت الأزمات الاقتصادية والتهميش الاجتماعي في توفير بيئة خصبة لنمو الفصائل الإسلامية. ففي العديد من الدول، وجدت هذه الفصائل دعمًا شعبيًا من الطبقات الفقيرة التي رأت فيها بديلًا عن الأنظمة الحاكمة التي فشلت في تحقيق العدالة والتنمية. اما الاسباب السياسية فاهمها غياب الديمقراطية والقمع السياسي الذي مارسته الأنظمة الحاكمة دفع العديد من الحركات الإسلامية إلى التحول من العمل الدعوي إلى العمل السياسي والعسكري، سواء للمطالبة بالإصلاح أو لإسقاط الأنظمة القائمة. والسبب المسكوت عنه ، هو تمكين القوى المهيمنه وعلى رأسها امريكا للفصائل ذات البعد الاسلامي على مستوى المنطلقات الفكرية والممارسات السياسية على الارض. ويمكن رصد أدوار الفصائل الإسلامية في التحولات السياسية؛ اذ تمثل بعض الفصائل الإسلامية تيارات سلمية تسعى للإصلاح السياسي والاجتماعي من خلال المشاركة في الانتخابات والأنشطة المدنية. ومن أبرز هذه الفصائل جماعة الإخوان المسلمين التي ظهرت في مصر عام 1928، وانتشرت في العديد من الدول العربية والإسلامية. ثم كان التحول بظهور فصائل مسلحة اتخذت نهج العنف لتحقيق أهدافها السياسية والدينية، مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). لعبت هذه الفصائل دورًا كبيرًا في زعزعة الاستقرار الإقليمي وإعادة تشكيل خريطة الصراعات في المنطقة. وقد لعبت بعض الفصائل الإسلامية دورًا محوريًا في الثورات العربية (2011-2012)، حيث شاركت في تنظيم الاحتجاجات الشعبية والمطالبة بإسقاط الأنظمة الاستبدادية، كما حدث في مصر وتونس وليبيا وسوريا مؤخرا وتاسيسا على ماسبق يمكن رصد تأثير الفصائل الإسلامية على التحولات السياسية من عدة محاور من اهمها: اولاها إعادة تعريف الهوية السياسية: حيث ساهمت الفصائل الإسلامية في إعادة تشكيل النقاش حول الهوية السياسية في المنطقة، حيث ركزت على قضايا مثل تطبيق الشريعة الإسلامية وإعادة إحياء القيم الإسلامية في الحكم. وثانيها زيادة الانقسامات الطائفية: حيث أدى ظهور فصائل إسلامية ذات طابع طائفي إلى تأجيج الصراعات الطائفية في المنطقة، كما هو الحال في العراق وسوريا واليمن. ساهمت هذه الانقسامات في تعقيد الأوضاع السياسية وزيادة التدخلات الخارجية. وثالثها التأثير على العلاقات الدولية: حيث أصبحت الفصائل الإسلامية عنصرًا أساسيًا في سياسات القوى الدولية تجاه الشرق الأوسط. استخدمت بعض القوى هذه الفصائل كأداة لتحقيق مصالحها، بينما اعتبرتها قوى أخرى تهديدًا لأمنها القومي. اما عن التحديات التحديات المستقبلية التي تواجه تولي هذه الفصائل زمام الحكم كما هو حاصل في سوريا فأم احدٍ هو السؤال المقلق هل تستطيع هذه الفصائل الانتقال من التنظير السياسي الى الفعل الممارس على المستوى المحلي والاقليمي والدولي؟ هل تمتلك هذه الفصائل ادوات التعامل مع القوى الاقليمية واهمها اسرائيل والهيمنه الامريكيه في المنطقه؟ هل ستواجه هذه الفصائل الصدمة الكبرى في المقارنة والمقاربه بين ماهو مأمول وبين ماهو استحقاق واقعي؟ هذه الاسئلة وغيرها تبقى برسم التطورات على الارض واتمنى ان يعم السلام للشعوب مهما مان شكل نظام الحكم فيها.