ينال البرماوي
كل عام وفي مثل هذا الوقت تقريبا يتجدد الحديث الرسمي وقبيل اعلان نتائج الثانوية العامة حول التخصصات الراكدة والمشبعة وتوجيهات للطلبة بعدم الانخراط فيها والتوجه لمجالات أخرى وذلك في سياق دراسة العرض والطلب التي يجريها ديوان الخدمة المدنية .
الديوان أورد 39 تخصصا مصنفا بالراكد « غير مطلوب» في الجامعات وكليات المجتمع وسيتم التوقف عن استقبال طلبات التوظيف لكل من سجل بتلك التخصصات بعد 2020 استنادا لأحكام نظام الخدمة المدنية.
وزير التعليم العلي وجيه عويس قال إن نحو 400 الف عاطل عن العمل من حملة الدراسات العليا وأن 95% من طلبة التوجيهي يتوجهون للجامعات و5% فقط للتعليم المهني والتقني ما أوجد فجوة كبيرة بين العرض والطلب .
حملة المؤهلات المهنية والتقنية حسب معطيات ديوان الخدمة المدنية سرعان ما يحصلون على فرص عمل لدى القطاع الخاص ومنهم من ينشئ أعمالا خاصة به وأحيانا بتشاركية مع عدد من أصحاب ذات الاختصاص.
المفارقة أنه ورغم التطرق منذ سنوات للتخصصات الراكدة وغير المطلوبة والتي يعج بها مخزون ديوان الخدمة الا أن سياسات التعليم العالمي لا تضع قيودا أو تنظم كما يجب التخصصات الأكاديمية والتقنية التي تدرس في الجامعات والمعاهد بل إن الباب مفتوح لاستحداث أي التخصصات بغض النظر عن انعدام فرص التشغيل.
السلوك الاجتماعي والثقافة العامة في الأردن تميل للتخصصات « ذات البرستيج العالي حسب المفهوم السائد مثل « الطب والهندسة والحقوق والاعلام « ونظرة ولي الأمر أن يكون ابنه على الأغلب ضمن هذه التخصصات لارضاء رغبات ذاتية والتفاخر على صعيد العائلة والوسط الذي يعيش فيه دون الانتباه الى المستقبل .
بالفعل هنالك فجوة كبيرة جدا بين احتياجات سوق العمل ومخرجات التعليم لان القطاع الخاص يحتاج أكثر الى المؤهلين فنيا وتقنيا وما قل للتخصصات الأخرى فيما لم يعد القطاع العام « الحكومي « قادرا على التوظيف الا بالحدود الدنيا لوزارتي الصحة والتربية .
معالجة المشكلة يتطلب اعادة النظر بمجمل سياسات القبول الجامعي والتخصصات وتوزيعها بين الجامعات لمعالجة ازدحام الخريجين في صفوف البطالة وعدم الموافقة للجامعات على استحداث مجالات أكاديمية في القطاعات المشبعة والراكدة . وضبط النمط الاستثماري لدى الجامعات الأهلية باعتبارها بالأصل شركات ربحية يعنيها استقطاب الطلاب بعض النظر عن مواءمة المخرجات مع سوق العمل .
الطلاب اليوم يفضلون الحصول على درجة البكالوريس وليس دبلوم كليات المجتمع وبالتالي يفترض أن تلزم الجامعات بالتركيز على التخصصات المهنية والتقنية ضمن مسار المرحلة الجامعية الأولى وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص لمعرفة احتياجاته من الأيدي العاملة .