الصحفي حازم الخالدي
اقتحامات المسجد الأقصى من قوات الاحتلال الصهيونى والاعتداءات المستمرة من قبل المتطرفين في شهر رمضان على المصلين والمرابطين أحدثت ردود فعل غاضبة حول السيادة الفعلية على القدس والأماكن الدينية والمسجد الأقصى بالذات.
ومن خلال ردود الفعل المحلية والعربية والدولية برزت تخوفات من وجود خطة لدى سلطات الاحتلال بتقسيم الحرم القدسي إلى قسمين بين اليهود والمسلمين كما حصل في الحرم الإبراهيمي في الخليل في عام 1994 بعد المجزرة التي نفذها المتطرف اليهودي جولدشتاين، وكان هناك 800 شخص يُقيمون الصلاة في شهر رمضان من نفس العام، حيث أطلق النار على المصلين، ما أدى إلى استشهاد 29 فلسطينيا وجرح أكثر من مئة آخرين.
في هذه الفترة وفي ظل حكومة متطرفة عنصرية تقوم باستفزازات يومية ضد الفلسطينيين في القدس والحرم القدسي، وعمليات قتل لم تتوقف منذ أن تولت هذه الحكومة مسؤوليتها، فإن الأمور سوف تتجه إلى منحى آخر، لن تستطيع أي جهة مهما كانت أن تمسك بزمام الامور، وخاصة في شهر رمضان حيث يتجه المسلمون نحو عباداتهم وأداء صلواتهم، بالمقابل نرى الكثير من المتطرفين اليهود يقومون بزيارة الحرم ويريدون حتى الصلاة في المكان المقدس للمسلمين ،وتظهر دعوات لذبح القرابين ومنح مكافأة لمن يقوم بهذه الأفعال.
إن ما تريده سلطات الاحتلال من هذه الاستفزازات أن تفرض واقعا جديدا في المسجد الأقصى، بحيث تخصص أوقاتا محددة لليهود ليقوموا بعباداتهم ، ومثلها للمسلمين زمانيا ومكانيا، ولا تلتفت بذلك سلطات الاحتلال لأي تفاهمات بهذا الشأن، لأنها لا تعترف ولا تحترم أي اتفاقيات، فما يحدث الآن يكشف مواقف وتوجهات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وهي تمسكها في السيادة على الأماكن المقدسة في القدس، وأن الاتفاقيات والمواثيق الدولية بشأن السيادة على الأماكن المقدسة في القدس لا تتماشى مع التفكير العقائدي اليهودي، الذي حقيقة أنه يُطبق التقسيم الزماني حيث يسمح للمتطرفين صباحا القيام بممارسة طقوسهم الدينية، فيما التقسيم المكاني سيكون الخطوة التالية، كخطوة لتحقيق مشروعهم لهدم المسجد الأقصى وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه.
وكانت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث قد كشفت عن وثيقة وخارطة بتاريخ 22 تشرين الأول /أكتوبر 2013: “لقونَنة” تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا، وأعدها ناشطون من حزب الليكود يُطلقون على أنفسهم اسم “منهيجوت يهوديت” (أو قيادة يهودية)، يتزعّمهم موشيه فيجلين نائب رئيس الكنيست آنذاك، ومن خلال الوثيقة التي تحمل اسم “مشروع قانون ونُظم للمحافظة على جبل الهيكل مكانا مقدّسا”، يُحدد الجامع القبلي المسقوف هو فقط المسجد الأقصى (وفيه فقط تؤدّى الصلوات الإسلامية)، ويقتطع منه الجزء الموجود في أقصى الجهة الجنوبية خلف المحراب الجنوبي.
أما مساحة صحن قبّة الصخرة والجهة الشرقية منه فهده المساحة هي مكان مقدّس يهودي خالص، فيما خُمس مساحة المسجد هي للصّلوات اليهودية بالأدوات المقدّسة أحيانا فردية وأخرى جماعية.
هذه الخطوات التي تمعن فيها سلطات الاحتلال وبالذات هذه الحكومة المتطرفة بمشاريعها العنصرية سوف تصطدم بإرادة المرابطين والمدافعين عن المسجد المبارك وعن مقدساتهم الدينية مهما كان الثمن.