د. راكز الزعارير
تنبه مؤشرات نتائج استطلاع الرأي العام الأردني الذي نفذه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية خلال الفترة مابين 17-21/ 6/ 2020 الى تقييم موضوعي وتحذيري لحكومة دولة د. عمر الرزاز وسياساتها التنفيذية الجارية خلال أزمة جائحة كورونا ومواجهتها، والإنجازات التي تم تحقيقها وتداعيات مستقبلية صعبة للازمة، وتفاقم معاناة المواطنين من الانعكاسات السلبية التي وقعت عليهم، والأهم ان الغالبية العظمى من المواطنين ترى بان أخطر ما يهددهم مستقبل الوضع الاقتصادي والمعيشي والاستقرار الاجتماعي والوظيفي للمواطن.
في استطلاع شهر آذار 2020 مع بداية أزمة كورونا، كانت ثقة المواطنين 91 % باداء الحكومة، بالرغم من تفعيل قانون الدفاع واجراءات الإغلاق الكلي والجزئي في تلك المرحلة من مواجهة الأزمة، بينما تراجعت هذه الثقة إلى 58 %، أي بمقدار 33 نقطة في الاستطلاع الحالي وارتفعت النسبة السلبية للثقة من 9 % الى 37 %، أي بمقدار 28 نقطة، مما يشير الى نوع من الإحباط لدى المواطنين من نتائج السياسات الجارية في العمل الحكومي في متابعة مواجهة المخاطر المحدقة بهم، ويتصدر أهم الأسباب لدى المواطنين لهذا التراجع حسب نتائج الاستطلاع، سوء إدارة الحكومة للأوضاع الاقتصادية ثم التخبط في السياسات الحكومية بإدارة الأزمة وعدم ايجاد حلول ناجحة، ثم ازدياد مستوى البطالة وارتفاع مستوى الأسعار وغلاء المعيشة والفشل حتى الآن بمكافحة ناجعة للفساد.
وتفسر نسبة الثقة العالية ايضا في بداية الأزمة لدى المواطنين بالاداء العام للدولة وتصدر جلالة الملك بادارة الأزمة في المراحل الأولى بشكل مباشر، وإطلالته اليومية ومتابعاته الحثيثة لإدارتها، ودور الجيش والأجهزة الأمنية التي كانت في واجهة الحدث وتحملت العبء الأكبر من الواجبات، الأمر الذي رفع نسبة ثقة المواطنين إلى 91 %، وهو الأمر الذي لم يبق بنفس الزخم في المراحل اللاحقة لإدارة الأزمة، حيث تصدرت الحكومة المشهد خاصة إدارة ومواجهة التداعيات والمشاكل الاقتصادية، مما أدى إلى تراجع كبير في ثقة المواطنين بأدائها.
من المؤشرات بالغة الأهمية على مستقبل استقرار الوضع الداخلي في المملكة حسب نتائج الاستطلاع، ان غالبية المواطنين الأردنيين أكدوا على ان وضعهم الاقتصادي اليوم هو اسوأ مما كان عليه قبل عام من الآن، وأن ما يقرب من نصف الأردنيين يعتقدون ان وضعهم سيكون أسوأ مما هو عليه الآن في العام القادم، أي أنهم يسيرون من سيئ إلى أسوأ، وهذا أمر يستدعي استعداد الحكومة ومؤسسات الدولة لسيناريوهات أخرى غير حميدة متوقعة.
كما ان المؤشر على عملية التعليم المدرسي والجامعي عن بعد لم تحظ بثقة غالبية المواطنين، حيث ان 58 % من المواطنين يعتقدون ان التجربة لم تكن ناجحة، الأمر الذي يضع الحكومة أمام تحد كبير في السياسات التعليمية في العام القادم، وفي مواجهة الضعف الذي انتاب العملية التعليمية برمتها.
ان حالة احباط المواطنين من تراجع أداء الحكومة ودور مجلس النواب الحالي، هو تأكيد أكثر من 50 % من المواطنين في نتائج الاستطلاع ممن يحق لهم التصويت في الانتخابات النيابية، بانهم لن يشاركوا في الانتخابات البرلمانية القادمة، وان 30 % فقط منهم سيشاركون، وتردد 20 % بالمشاركة أو عدمها، فيما ان الـ 30 % من المؤكدين للمشاركة سينقسمون الى مرشح عشائري 13 % أي بما يعادل حوالي 43 نائبا تقريبا، مرشح مستقل 14 %أي حوالي 47 نائبا، جبهة عمل إسلامي 3 % اي 12 نائبا، تيار وطني 4 % أي 17 نائبا معارضه وأحزاب اخرى2 % أي 9 نواب.
هذه الانتخابات ان تم إجراؤها تعتبر تراجعا كبيرا في التطوير والتنمية السياسية والمشاركة الديمقراطية التي يرغب ويدعو دائما اليها جلالة الملك، الأمر الذي يضع الحكومة أمام تحدي إنجاح الانتخابات النيابية القادمة ورفع نسبة المشاركة، وماذا هي فاعلة لتشجيع المواطنين للمشاركة في العملية الانتخابية وانجاحها؟.
هذا التحليل استنتاجي على ضوء نتائج ومؤشرات الاستطلاع، وتم تقييمه على أساس ان حكومة دولة عمر الرزاز غير راحلة وباقية حتى اجراء الانتخابات القادمة، في حين ان تبعات المسؤوليات الجسام سترثها وستحملها حكومة اخرى ستخلف حكومة الدكتور الرزاز بعد اجراء الانتخابات النيابية والتي من المتوقع ان تجري بارادة جلالة الملك على الأرجح قبل نهاية العام الحالي.