اسعد العزوني
التعليم والإدارة الجامعية بين المحاصصة وعلماء الجامعات
الجامعة الهاشمية نموذجا
المحاصصة كلمة بغيضة،ومفهومها أشد بغضا وتدميرا للمفاهيم الأخرى ،مثل العدالة والمساواة والإبداع والقيادة والتميز،لأن المحاصصة تعتمد على الولاء الكاذب وتغطي تحتها أمورا كثيرة تخلق خللا في العمل أي عمل تدخل عليه ،وها هي المحاصصة تدمر العراق كما دمرت لبنان ،ولا أحد ينكر أن للأردن نصيبا من تداعيات المحاصصة،وهذا هو سبب تأخرنا في مجالات كثيرة ،علما أننا يجب أن نكون الدولة الأفضل في الشرق الأوسط،بسبب هبة الله لنا وهي التعددية الثقافية والعرقية ،فالأردن بفضل من الله ومنة ،يضم بين جنباته أجناسا مبدعة وذات تاريخ من فلسطين حتى جبال القفقاز مرورا بالصحراء صانعة البلاغة والفراسة،لكننا مع الأسف لم نستفذ من هذه الهبة الربانية بسبب إعتمادنا على المحاصصة التي غزتنا بقوة قبل نحو نصف قرن من الزمان.
أتحدث هنا عن معضلة تعاني منها إحدى أفضل جامعاتنا الأردنية وهي الجامعة الهاشمية ،التي أسستها نخبة من القامات العلمية المبدعة ذات البعد والعطاء العالميين يتقدمهم العلّامة البروفيسور أحمد الملاعبة الذي جاب جهات الأردن الأربع وسبر أغوار ما تحت الأرض وما فوقها وأبدع مخلصا لوطنه ومليكه وشعبه،وشهرته وإكتشافاته تجوب الآفاق من الأردن إلى أسبانبا مرورا بألمانيا،وهي معضلة تعيين رئيس جديد للجامعة.
يعمل في الجامعة الهاشمية الكثير من القامات العلمية ذات السمعة والصيت العالميين،ولا يتسع المجال لذكرهم خشية ان نقترف إثما بنسيان قامة منهم ،فكلهم أعزاء مبدعون نفتخر بهم ،وقدموا للبلد الكثير،لكن يبدو أن هناك مواصفات محددة لا دخل لها بالتميز والإبداع والتضحية عندما تحين لحظة قطف الثمار وتحقيق المكالسب المستحقة.
تكمن معضلة الجامعة الهاشمية التي نعتز بها صرحا علميا يرفد الوطن بخريجين أكفاء وتحمل إسم أطهر نسب في التاريخ،تعاني من معضلة المحاصصة السامة وهي تعيين رئيس جديد لها من خارج أسوارها ،علما أن مؤسسيها مشهود لهم بالعالمية، وقد أطلق الألمان لقب “قيصر الصحراء”على البروفيسور الذي أبهرهم حتى عندما كان طالبا يتلقى علومه للدراسات العليا في جامعاتهم ويدرس فيها لاحقا وفي الجامعات الامريكية وجلب عشرات البعثات العالمية العلمية إلى الأردن وقاد مشاريع دولية وهو البروفيسور أحمد الملاعبة،وبطبيعة الحال فإن التوجه للمحاصصة وتعيين رئيس جديد للجامعة من خارج أعلامها المؤسسين،ومن غير المنطقة ،وربما لا يرقى مستواه إلى مستوى الأساتذة الأجلاء العاملين في الجامعة ومن أسسوها ،ويخالف توجه جلالة الملك عبد الله الثاني الذي فاز قبل أيام بجائزة الباحث من أمريكا.
نحن ما نزال في مرحلة بناء الأردن ،ولذلك وجب علينا التدقيق في ملفات من يتم إختيارهم للمسؤولية بغض النظر عن الموقع،فهذه أمانة ومن يخونها فقد خان الله ورسوله وجلالة الملك، لأن المطلوب هو التدقيق في المداميك قبل إستمرار البناء ،لأن المداميك القوية تتحمل الضغط ونخرج بذلك ببناء قوي آمن.
المطلوب مرة أخرى هو الإبتعاد عن المحاصصة وإختيار رئيس جديد كفؤ للجامعة الهاشمية ،ولا مانع من التنافس الشريف القائم على العدل والمساواة ،لنخرج بإختيار مشرف ،ويكون رئيس الجامعة الهاشمية على وفاق وإتفاق مع مؤسسيها من الهيئة التعليمية الموقرة،ويكون كفؤا من الناحية العلمية ولديه ملف بحثي مشرف ،وصاحب إبداعات تخدم الوطن.
ولأنه يتوجب نسب الفضل لأهله ،فإن مجلس أمناء الجامعة الهاشمية المبجل الذي يضم قامات علمية وبحثية يشار لها بالبنان،أقدم على عمل فوق الشجاع بتصويبه بعض الأوضاع التي لا تسر في إدارة الجامعة، وهو بحسب شهادات العديد من الكادر التدريسي في الجامعة، يخطو خطوات أشمل للنهوض بالجامعة والتميز بها.
لقد نجح مجلس الأمناء الموقر بتضافر جهود الجميع ورغبتهم الملحة في إزالة أي شائبة تشوب هذا الصرح المميز،في إزالة الإدارة الأخيرة التي ظن البعض مخطئا أن الجامعة الهاشمية ،ما هي إلا مزرعة له ،يعبث فيها كيف يشاء ضاربا بعرض الحائط السمعة والمصلحة العامة.
بقي القول أننا في حال أردنا النهوض بجامعتنا الهاشمية ،فإن من الواجب وتقديرا لكفاءاتهم ونوايهم الطيبة ،ان نسند عملية إختيار رئيس جديد للجامعة الهاشمية للمبجلين الأجلاء مجلس الأمناء ،لأنهم الأقدر والأدرى بفهم ومعرفة ما ينهض بهذه الجامعة ،ومن هو الأنسب لقيادة السفينة إلى بر الأمان محملة بالديباج والحرير والعنبر.