أثبتت الحكومة الأردنية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية المختلفة والجيش العربي وكذلك الكوادر الطبية قدرتها على إدارة ملف جائحة كورونا بنجاح، إِلَّا أن الأمر لا يخلو من بعض الأخطاء في التطبيق، فمن الواضح أن جلّ الاهتمام والتركيز ينصبّ على المحافظات الكبرى ومراكز المدن. إنّ المتتبع للأحداث الحالية وآخر القرارات المُتخذة يُلاحِظ أن التشديد الأمني وتطبيق أوامر الدفاع المتعلقة بالحظر الشامل أو الجزئي بعد الساعة السادسة مساء والرقابة على ذلك يقتصر بشكل رئيسي على المحافظات الكبرى ومراكز المدن، ويبدو أن المحافظات الأخرى وباقي القرى الأردنية تتمتع بتشديد أمني أقل فيتم عقد التجمعات والتنقل خلال أوقات الحظر وإقامة العديد من الولائم الرمضانية أي أن هناك مخالفة لأوامر الدفاع دون رقابة من الأجهزة الأمنية. فهذه التصرفات تُشكّل مخالفة صريحة لأوامر الدفاع بالإضافة إلى أنها تتضمن انتهاكاً لمبدأ سيادة القانون والحق في المساواة وعدم التمييز. فقد نصّ الدستور الأردني في المادة (٦/أ) منه على أن الأردنيين سواء أمام القانون ولا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات. كذلك ورد هذا الحق في التشريعات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الأردن والتزم بما جاء بها، فقد نصّت المادة (٧) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن الناس جميعاً سواء أمام القانون، وكذلك نصّت المادة (٣) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حق المساواة، بالإضافة إلى أن المادة (٤) منه نظّمت حق الدولة في عدم التقيّد بالتزاماتها المترتبة بمقتضى هذا العهد؛ حيث أكّدت على أنه في حالات الطوارئ الاستثنائية يجوز للدول اتخاذ تدابير مؤقتة تُفيد بعدم تقيّد الدول بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد وذلك ضمن شروط معيّنة ومن خلال إجراءات محددة، ومن ضمن هذه الشروط هو عدم انطواء هذه التدابيرعلى أي تمييز. وبالتالي، فإن أوامر الدفاع وما يصدر عن الجهات المختصة من قرارات وتعليمات يتوافق مع الشرعة الدولية والتشريعات الوطنية، إِلَّا أن تطبيق تلك الأوامر والقرارات ينطوي أحياناً على بعض التمييز ربما بشكل غير مقصود، فهناك تشديد أمني في مراكز المدن والمحافظات الكبرى على عكس باقي المناطق التي تشهد نوعاً ما حياة طبيعية دون قيود. إن التمييز في تطبيق هذه الأوامر يشكل مخالفة لمبدأ سيادة القانون وحق الإنسان في المساواة وعدم التمييز، ويؤدي إلى شعور الأردنيين بالظلم وغياب العدالة الذي يترتب عليه نتائج سلبية عديدة، بالإضافة إلى المخاطر الصحية التي قد تنشأ كنتيجة للتنقل والتجمّعات. فمن الواجب حالياً تطبيق أوامر الدفاع والالتزام بما جاء بها وبالأخص فيما يتعلق بالحظر الشامل والجزئي ومنع التجمعات في كل المناطق دون تمييز وعدم الاعتماد والتعويل على وعي المواطنيين وحده، فالتشديد الأمني مطلوب في كافة المناطق حمايةً للمصلحة العامة وللوطن وتكريساً لمبدأ المساواة بين الجميع دون تمييز واحتراماً لمبدأ سيادة القانون، كما يجب إعادة النظر بالتصاريح التي تصدر من خلال الحكّام الإداريين للتنقل بين المحافظات فقد يتم استغلالها في بعض الأحيان لغير الغايات التي وُجِدَت من أجلها. فالمطلوب اليوم تكثيف الجهود والالتزام التام من قِبَل الجميع للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة وبأقرب وقت. وفِي الختام حفظ الله الأردن وطناً وقيادةً وشعباً من كل مكروه