أ. د. بـــــــلال أبوالهــدى
خلق الله الملائكة بعقل ودون غريزة فلا يتكاثرون، وخلق الجن بعد الملائكة بغريزة وعقل فهم يتكاثرون. ومن ثم خلق السموات والأرض وخلق الحيوانات والطيور وجميع خلقه من الكائنات الحية بغريزة ودون عقل ويتكاثرون، ولم يعلمنا الله كيف خلقهم (مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (الكهف: 51)). ولكن الله اعلمنا كيف خلق سيدنا آدم عليه السلام بيديه ومن أديم الأرض كلها ونفخ فيه من روحه (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (لسجدة: 7-9)). وأول من انكر معروف ربه وفسق عن أمره هو ابليس (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (الكهف: 50)). وكيف حصل ذلك؟ أمر الله الملائكة بمحاربة الظالمين من الجن في الأرض وقتلهم جميعا إلا انهم وجدوا إبليس طفلا مما تبقى من الجن الظالمين فطلب الله من الملائكة ان يحضروه معهم لأنه يتيم الوالدين ورعاه ورباه بين الملائكة. إلا انه عاد لأصله ظالما لنفسه حاقداً على غيره، وحاسدا لغيره، ناكرا لمعروف ربه وعصى ربه وعادى سيدنا آدم وذريته وأطغى آدم وزوجه من الأكل من الشجرة التى نهاهما الله حتى من الاقتراب منها (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (طه: 121)). وبعد ذلك طلب ابليس من ربه ان ينظره إلى يوم الدين (قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (الأعراف: 14 و 15)).
فتجرأ مرة اخرى وأخذ على نفسه الشريرة الأمارة بالسوء وعلى نفوس ذريته إغواء من له سلطانا عليهم من بني آدم الي يوم الدين (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ، قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ (الأعراف: 16-18)). وأول ما أطغى إبليس من بني آدم قابيل فجعله يقتل أخاه هابيل واستمر الإسراف في القتل من قبل بني اسرائيل حتى يومنا الحاضر (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (المائدة: 32)). ولما تقدم فمن الطبيعي جدا ان يكون هناك عددا كبيرا من الخونة والجواسيس وناكري المعروف بين البشر في جميع شعوب العالم وليس فقط خونة وجواسيس وناكري معروف بين اهل غزة وبين اهل فلسطين فقط. إلا أنه من العدل ان يكتشفوا ويقتلوا فورا إذا ثبتت خياناتهم لأنهم عبدة شياطين وأعداء انفسهم قبل غيرهم، فنجحت قوات حماس في اقتحام قاعدة أوريم العسكرية “يَرْكون” والحصول على كل الوثائق السرية وقوائم عملاء ا س ر ا ئ ي ل وبدأوا بتصفيتهم. وهذه القاعدة تعد من أهم المنشآت للتجسس وجمع المعلومات الاستخباراتية لدى الاحتلال الإسرائيلي عن العالم أجمع وليس عن حماس والفلسطينيين فقط. وهي مقر عمل الوحدة 8200 التي تعد أبرز وحدات المخابرات العسكرية الإسرائيلية والمعروفة اختصارا باسم “أمان”، وموقعها في مدينة هرتسيليا شمال تل أبيب، غرب صحراء النقب جنوب فلسطين، في منتصف المسافة بين قطاع غزة وبئر السبع، وتبعد كيلومترين من شمال كيبوتس أوريم (مستوطنة زراعية) وعلى بعد 30 كيلومترا من بئر السبع.