أ. د. بـــــــلال أبوالهــدى
انجاز : لقد طلب الله منا نحن بني آدم خالقنا، التفكير في خلق السموات والأرض (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، لخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (آل عمران: 191، غافر:57)). وطلب منا أيضا ان نفكر في خلق انفسنا (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ، هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (الذاريات: 21، غافز: 67)). هناك حياة بدون روح مثل الحيوان المنوي الحي عند الذكر البويضة الحية عند الأنثى ولو لم يكن هناك حياة في الحيوان المنوي عند الذكر وفي البويضة عند الأنثى لما تم الإخصاب وتكوين الجنين كما أوضحت الآية السابقة 67 من سورة غافر في مراحل تكوين الجنين في رحم الأنثى قبل أن تنفخ الروح فيه عندما يبلغ مائة وعشرون يوما. وكذلك الملائكة والجن والنبات وغيرهم من مخلوقات الله من غير الإنسان فيها حياة (سُبْحَٰنَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْأَزْوَٰجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنۢبِتُ ٱلْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (يس: 36))، ولكن ليس فيها روح. الروح فقط في الإنسان (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (السجدة: 9)).
ولكن هل يستطيع احد من علماء هذا العصر الحديث أو من مخلوقات ربنا في هذا الكون تعريف أو وصف شكل أو معرفة ماهية الروح؟! بالطبع لا (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ( الإسراء: 85))، فالفرق كبير جدا بين الحياة والروح. فالله يحيي الأرض بعد موتها خلال الفصول الأربعة (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (الحديد 17، فصلت: 39)). وكذلك هناك فرق كبير جدا بين الجسم وهو جسد الإنسان (مكونات الإنسان المادية) والروح معا أو الجسد وهو فقط المكونات المادية لأي مخلوق حيوان او نبات او اي خلق آخر من مخلوقات الله مثل الفيروسات … إلخ من غير حياة او من غير روح مثل جسد الإنسان المتوفى (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ، فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَٰذَا إِلَٰهُكُمْ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ (ص: 35، طه: 88)). وسر الحياة لا يعلمه إلا الله وقد وضع الله سر الحياة في الماء (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ، وَٱللَّهُ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَسۡمَعُونَ ((الانبياء: 30، النحل: 65)).