محمد حسين فريحات
نهج متبع في حكومات الاردن، اطلاق المبادرات التي ظاهرها الحق وباطنها الباطل، سعت الحكومات للتطوير في قطاع الموارد البشرية على اعتبار انه العنصر الاساسي في اي مؤسسة تريد تحسين مستوى العاملين فيها علميا وفنيا، وضعت الاسس والانظمة الخاصة من اجل التطوير، والاساس في ذلك بحسب رؤيتها والتي لا تشوبها شائبة الشفافية والنزهة والعدالة وتكافؤ الفرص بين موظفي الدولة بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية والحزبية، وان من حق الجميع شغل الوظائف الحكومية الدنيا والعليا على هذا الاساس المتين بحسب المسؤولين، وان الاردنيين سواء امام القانون بنص الدستور الاردني الصريح.
ان الممارسات التي يقوم بها الوزراء والمسؤولون في هذه الدولة عكس تلك الاسس والمبادئ والتي شكلت على مدار السنوات السابقة احتقان لدى الموظفين والمواطنين، وشعورهم بالغبن لعدم وضوح الأسس، وان كان هناك أسس لن يكون هناك وضوح بالإجراءات المتبعة ولا ثقة في تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص والشفافية والنزاهة التي ينادي بها المسؤولون كببغاء من وراء صاحب القرار.ِِِِِِِِ
ومن الامثلة على تلك الممارسات واضرب مثلا على نفسي ولم اكن انا الوحيد الذي تعرضت لظلم، ولكن الكثيرين ظلموا ولا يسعون الى تعرية المسؤولين اثناء ممارساتهم واجراءاتهم التي تشكل جرما حقيقيا بنص الدستور بحسب المادة: (6) من الدستور الاردني بند رقم (1) “الاردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق او اللغة او الدين” والتي تصدرت الدستور لنظرا لأهميتها، الامر الذي دفعني للكتابة بهذا الموضوع ليس انتصارا لنفسي ولكن توضيحا للحقائق والتي يتعرض لها الكثرين في بلدي والذين لا حول لهم ولا قوة، لمواجهة اللوبي الموجود في مختلف الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية، والذي يشكل قوة جارفة ، ويشكل رافعة للفساد الاداري في مختلف مؤسسات الدولة.
وباختصار اعمل في وزارة التربية والتعليم من(1985) معلم، لم انقطع عن وزارتي سوى الالتحاق بواجب الوطن ” خدمة العلم” والتي شكلت لي بصمة إجابيه مهمة في حياتي ، وبعدها بقيت سنة واحدة بعد الالتحاق بالخدمة العسكرية بدون وظيفة واعيد تعيني في عام 1992 لغاية الان، احمل ماجستير “ادارة عامة” ودبلوم عالي “إدارة مدرسية” وبكالوريوس “تربية مهنية” ملتزم بواجب وظيفتي منذ تعيني، تقدمت للشواغر(مشرف تربوي، مدير مدرسة ،مساعد مدير) حوالي عشرة مرات ولم تمكني المؤهلات العملية والعلمية من الوصول الى هذا المناصب الرفيعة؟ وبعدها تم نقلي بغير رغبة مني الى وظيفة سكرتير مدرسة وانتهى بي المطاف للنقل الى وظيفة “امين لوازم” مع الاسف الشديد فبدلا من الترقية في هذه الوزارة من وظيفة اقل الى وظيفة اعلى جرى العكس، هذه هي الخدمة في وزارات بلدي لمن لم يحسن خطه كما يقال.
واخرها تم تشكيل جديد في وزارة التربية والتعليم لرصد وتطوير واصلاح واقع التربية والتعليم بعنوان “وحدة جودة التعليم والمساءلة” تقدمت بطلب من اجل خدمة التعليم والمساهمة في اصلاحها وتطويرها، كموظف عادي وليس مديرا للوحدة قبل طلبي، وتم تحديد مقابلات مبدئية للمتقدمين لهذه الوظيفة العادية الا انني تفاجئت بان اسمي لم يدرج ضمن قوائم المقابلات، اجريت عدة اتصالات بالوزارة وبوحدة جودة التعليم والمساءلة وبعد الاتصالات العديدة والتي تمت مع وحدة المساءلة تم الاتصال بي على عجل للمقابلة بعد ان كان اخر المقابلات قبل يوم من طلبي للمقابلة، ولتحقت بدورة تدريبية مدتها شهرين بواقع (200) ساعة تدريبية، ومع الاسف لم احظى بالنقل الى هذه الوحدة الجديدة ومجموعة اخرى من زملائي، لمبررات غير منطقية على الرغم من الالتزام بالدوام وعدم التغيب والتأخرمطلقا، وقدمنا كل ما هو مطلوب منا سوء الواجبات البيتية وعروض البوار بوينت والعمل الميداني وغيرها من المشاركات، وبالرغم من وجود برنامج للتدريب معلن للمتدربين والمدربين والذي أوضح اسس التقويم او التقييم للمتدربين والذي اعتمد التقييم الادائي للمتدربين في مختلف مراحله الا انه تم الالتفاف على هذا البرنامج وفرض امتحان تحريري على خلفية مشكلة اثناء التدريب، تخبطت الوحدة في كيفية احتساب نسبة علامته من العلامات الكلية.
ومع الاسف تم التدخل الخارجي للتأثير على الوحدة من اجل اقصاء البعض من هذه الوحدة لتوجهاتهم السياسية والنقابية، والتي لا تأثر على عملهم بالوحدة، ونشك بالعلامات التي وضعت لنا بعدم تمتعها بالعدالة والشفافية، على الرغم من ان رئيس الوحدة والمدربين اشادوا بالدورة وانها افضل من الدورات السابقة، ولم يشعرنا احد ان وضعنا اثناء التدريب غير مرضي لا بل على العكس كان هناك تعزيز من قبل رئيس الوحدة والمدربين،وبعدها تم الاعتراض على النتائج وتم مقابلة وزير التربية والتعليم معالي عمر الرزاز دولة الرئيس الحالي برفقة نائبين من مجلس النواب وابدى معاليه ايجابية في عودتنا وتفهم اعتراضنا، ولكن مع الاسف ا لشديد احد النواب الذي تم مراجعته من اجل متابعة قضيتنا مع الوزير قال بالحرف الواحد( ان امر عودتنا خارج عن ارادة الوزير)؟؟؟؟؟؟؟ .
على الرغم من كل ما سبق، كان هاجسي الورقة النقاشية التي قدمها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في دولة القانون، والتي تضمنت قواعد وأسس ومفاهيم هامة منها(الشفافية والنزاهة والعدالة وتكافؤ الفرص)، لرؤيته وجود خلل في هذا الجانب، ومع الاسف الشديد ان الورقة النقاشية لا تزال في الاذهان ولم تغادر مسامعي ومسامع الموظفين والمواطنين الا انها لم تصل الى اذان مسؤولي وزارة التربية والتعليم، وهذه الورقة النظرية تشكل رؤية لجلالته والتي سعى الى تطبيقها على ارض الواقع من خلال الحكومات، ولكن نهج الحكومات في المحسوبية والشلالية لم يتغير واصبحت المحسوبية ضمن اسس التعيين في الوظائف الدنيا والعليا، ومبدأ التنفيع في الوزارات ووزارتنا تأخذ النصيب الاكبر منها، مطالبا صاحب القرار تطبيق ما جاء في الورقة النقاشية لجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، والتي اطلع عليها وزير التربية والتعليم وكبارموظفيه ومن الواجب تنفيذها بندا بندا.
لن يكون هناك اصلاحا حقيقيا للتعليم ما لم يكن هناك امناء على مصلحة الامة،ونية حقيقية في اشارك المخلصين والصادقين من اجل احداث التغيير المطلوب، ونظام التنظيم الاداري الجديد الذي تم طرحه من قبل الوزير الاسبق كان حلقة جديدة من حلقات اقصاء كبار موظفي الوزارة وذوي الخبرة في مجال التربية والتعليم وكل من يخالف رأي الوزير وابعاد الكفاءات المشهود لها، وزرع النفعيّن والمتنفعين وحاملي المؤهلات العلمية المزورة بحسب ما تناقلته وكالات ابناء مختلفة، والذين لا تهمهم الا مصالحهم الذاتية، والنفاق للمسؤول والوزير.
لن يصلح العطار ما افسد الدهر، ولكن الامل باق ما دام هناك عدل في السماء.
قال تعالى:﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُـــونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42]