سهير جرادات
(الشلية)
بقلم : سهير جرادات
خلال مسيرك في شوارع عمان ، وخاصة في هذه الأيام مع الاستعدادات لعيد الأضحى المبارك، لا بد أن تستوقفك شلية أغنام كبيرة تمر إلى جوارك ، وهي تقطع الشارع وصولا إلى الجانب الآخر من الطريق ، يتقدمها ” الكبش ”، بقرنيه المخيفين ، رغم أنه سهل الانقياد ولا يستطيع التمرد ، يحمل جرسا حول رقبته يثير ضجة كبيرة لا معنى لها، و لكنها تلفت النظر إليه باستمرار .
ويتوسط ” الشلية ” كلب في الغالب من نوع “السلق أو الجعاري” ،وهو من كلاب الشوارع التي لا أصل لها ، ومعروف عنها أنها تنبح دون امتلاك القدرة على العض ، والكلب تجده ” يفل”، عند أول حجر يصوب نحوه من قبل الراعي ، الذي يحرص على أن يقطع أذنيه منذ ولادته ، مع إبقائه جائعا بشكل دائم ، ليتمكن من القيام بمهمته والمهاجمة بشدة على من يفكر من القطيع بالتمرد على الراعي والخروج عن النهج الذي رسمه له ، وتكون مكافأته عند نجاح مهمته اطعامه بقايا اللحم والعظم في حال ما ذبح الراعي خاروفا.
وتكون حماية ” الشلية “، في المؤخرة على عاتق الحمار الذي يوحي للأغنام أنه واثق بنفسه ، فتنساق خلفه على الرغم من أنه مجرد حمار، ويتمحور دوره في حمل “الخُرج ” المحمل بالعلف والبرسيم الخاص به ، إضافة إلى حمل الطعام الخاص بالراعي المرافق للشلية ، والذي ليس شرطا أن يكون صاحب أو مالك تلك الشلية ، ففي بعض الأحيان قد يكون مستقدما خصيصا لهذه المهمة ، لقيادة ” الشلية ” .
ورغم أن الراعي ليس مالكا للشلية ، إلا أنه يمتلك سلطة كبيرة عليها من خلال تلك العصا، التي يحملها ليضرب بها الأرض فتسمع صوتها الأغنام، وتستشعر بغضب الراعي في حال تجرأت تغيير الطريق المخصص لها للمسير .
وفي حال أصاب بعض أفراد الشلية التمرد، لا يتوانى الراعي في رشق الغنم المتمردة بالحجارة التي يتسلح بها في جيوبه ، أوفي طرف الخرج الذي يحمله ذلك الحمار، الذي تكون مسؤوليته تحمل الأعباء دون أن يبدي أي اعتراض .
أما في حال فقدان الراعي السيطرة على أحوال وأوضاع الشلية ، وفي خطوة أخيرة لفرض هيبته، يلجأ إلى استخدام لسانه ، وإصدار أصوات تُعبر عن مدى رفضه للتمرد ، والتحذير لأفراد الشلية ، فتجده يكررر ” هررررررررر “.
تمتاز علاقة الراعي بالشلية أنها تقوم على النفعية ، حيث يلجأ إلى جز صوف غنم الشلية إذا ما شعر بالبرد ليتدفأ به ، وإذا ما جاع يأكل من خيراتها ، من الزبدة ، والحليب ومشتقاته ، أو يذبحها ويأكل لحمها ، ويرمي عظمها المتبقي منها للكلاب .
وكلمة حق تقال بحق الراعي ، أنه في حال أمًن الشلية واطمأن على سير أوضاعها ، يقوم خلال أخذه قسطا من الراحة ، بالعزف على الربابة أو الزمار الموجود دائما في جيبه ، وتطرب الأغنام عليه.
للإنصاف ، وحتى لا ننسى ، تضم ” الشلية ” عناصر مهمة ، منها ” السخلة ” وهي ما يُطلق على صغار الغنم ، إلى جانب “العنزة السمراء ” ، والمعروف عنها أنها مدللة الشلية ، وهناك عنصر مهم بالشلية ألا وهو ” التيس” ، الذي رغم أنه تيس، إلا أن وجوده أمر مهم بالشلية .
إن وجود شلية الغنم، لا يقتصر على مناطق عمان الشرقية ، أو وسط البلد أو منطقة العبدلي ، بل تجد الشلايا بكثرة في مناطق عمان الغربية ، وتجدها منتشرة في جبال عمان السبعة ، وفي دواوير عمان الثمانية أيضا ، ابتداء من الدوار الأول والثاني والثالث ، مرورا بالدوار الرابع، إلى أن تصل في نهاية المطاف إلى الدوار الثامن ، وكذلك على الطرق الخارجية والصحراوية ، لا بل وفي كثير من الأحيان تجدها داخل أسوار منازلنا …
من المألوف لك أن تشاهد انتشارا واسعا لما يعرف ب ” الشلية ” ، وبشكل لافت .
ودمتم