اسعد العزوني
“الجين” الذي لم ينقرض
في أوائل تسعينيات القرن المنصرم الذي شهد تعميق الإنحدار العربي نحو الإستسلام للصهاينة بعد غزو العراق ،ونجاح الدهقنة السياسية في الخليج بتنفيذ أجندتها ،وخداع القيادة الفلسطينية أن قرار الدولة الفلسطينية جاهز في جيب صانع القرار فيها،إستوقفني خطاب ثوري بمفردات “شاذة”بالنسبة لتلك المرحلة الإستسلامية الغارقة في دنس البترودولار العربي،مثل :الإحتلال الصهيوني،الثورة الفلسطينية،فلسطين المحتلة ،وعندما ركزت في الخطاب ،اكتشفت انه صادر عن تلفاز امارة الشارقة العربية التي كان يحكمها آنذاك الشيخ العروبي الحر سلطان القاسمي،الأمر الذي أثار إستغرابي ونشوتي في نفس الوقت ،وكان مثار استغرابي أن الإعلام العربي – ما يزال رغم ما يجري – لدية “نطفة”بالحلال،أما نشوتي فكانت اكتشافي لثغرة اعلامية أنفذ إليها وقت ما أريد.
أعترف أنني لم أكن على اطلاع واسع عن هذه الإمارة الفريدة المتفردة في إمارات الساحل العماني المتصالحة ،وبسبب تعمقي في واقع هذه الإمارة المتميزة التي إشتق أميرها طريقا عروبيا حرا،وإستثمر في مواقفه السياسية،وجدت أنني أمام حاكم مختلف،حاكم عروبي حر ،مثقف واعي حكيم،يستحق فعلا ان يكون حاكما ،ولكن ليس لإمارة بل لإمبراطورية،لأنه يطبق قواعد الحكم الرشيد.
إستفسرت عن أحوال أهل إمارة الشارقة،فوجدت أنهم منسجمون مع أفكار حاكمهم العادل الواعي،وتمتاز حياتهم بكل ميزات تبعات الحكم الرشيد،وحق لهم ذلك ماداموا تحت حكم مثل هذا الشيخ الذي ما يزال جينه عربيا ،لأنه إبن أبيه فعلا،وكم يختلف الشيخ القاسمي عن غيره من حكام إمارات الساحل العماني المتصالحة،الذين إنحرفوا بدولة الإمارات عن جادة الصواب،وغرقوا في مستنقع التطبيع المجاني مع مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية التلمودية،ووصلت الأمور بهم إلى العبث بالإسلام وتحويل الإمارات إلى الثقافة الوثنية البوذية،ناهيك عن ولوغهم في الدماء العربية في فلسطين واليمن وليبيا.
بالأمس أكد الشيخ سلطان بن محمد القاسمي موقفه الملتزم وتفرد عن بقية الطاقم المتصهين، الذي تماهى مع أعداء الأمة بخصوص تحويل الرئيس التركي الطيب أردوغان متحف أيا صوفيا الذي كان بالأساس كنيسة أرثوذكسية،قبل أن يشتريها السلطان العثماني محمد الفاتح منهم،ولم يكن مستغربا من الشيخ القاسمي إتخاذ مثل هذا الموقف المؤيد لإجراء الرئيس أردوغان ،وزاد عليه كرما في المواقف أن طالب بإستعادة مسجد قرطبة في الأندلس الذي حولوه إلى كنيسة،ولمن لا يعرف فإن الشيخ القاسمي ألّف كتابا عن محاكم التفتيش الإسبانية بحق المسلمين واليهود قبل أكثر من 500 عاما.
عموما فإن الشيخ سلطان القاسمي أثلج صدور العرب والمسلمين لمواقفه المشرفة ،وبعث فينا الأمل بأن الدنس لن يدوم ،وأن الرجال الرجال أمثال الشيخ القاسمي هم أمل الأمة وإن ادلهم الليل بعض الوقت بسبب غفلة من الزمن…فألف تحية مزجاة من العالمين العربي والإسلامي للشيخ سلطان بن محمد القاسمي ،صاحب المواقف الأصيلة.