عمران السكران
في الأردن، أصبح الطقس مادة دسمة للمبالغة والتهويل على مواقع التواصل الاجتماعي، وكأننا نعيش في ولاية فلوريدا حيث الأعاصير الموسمية، أو في سيبيريا حيث الثلوج لا ترحم! فما إن تلوح في الأفق سحابة حتى يتحول الفضاء الإلكتروني إلى ساحة حرب بين الراصدين الشعبيين، كل واحد منهم لديه مصادره الخاصة، وأحيانًا أقمار صناعية سرية لا تملكها حتى وكالة ناسا!
أسبوع واحد فقط من التقلبات الجوية كفيل بأن يجعلنا نعيش أربع فصول في اليوم الواحد، لكن الضجة الأكبر ليست في الطقس ذاته، بل في سيل التوقعات المتضاربة: “ثلوج على ارتفاع 500 متر”، “عاصفة ثلجية من الطراز النادر”، “منخفض قطبي سيجمد الأردن”، وبينما تنتظر الناس تساقط الثلوج، تكون الحقيقة مجرد زخات مطرية متفرقة و”نشفان ريق” من الانتظار!
المشكلة ليست فقط في التهويل، بل في التأثير الاقتصادي لهذه التوقعات العشوائية. قطاع السياحة يتأثر بإلغاء حجوزات غير مبررة، الأسواق تشهد موجات شراء هستيرية خوفًا من “العاصفة القادمة”، وأصحاب المحلات ينتظرون زبائن لم يخرجوا بسبب تنبؤات إلكترونية مضللة. حتى المدارس لم تسلم من هذه الفوضى، فقد تُعلَّق الدراسة أحيانًا بناءً على شائعات الطقس وليس بناءً على قرارات رسمية.
يبقى السؤال: لماذا لا تكون التوقعات الجوية حكرًا على الجهات الرسمية فقط؟ أم أن الأمر تحول إلى سباق ترندات على حساب دقة المعلومة؟ يبدو أننا بحاجة إلى “منخفض وعي” يجتاح مواقع التواصل، قبل أن يجتاحنا المنخفض الجوي الحقيقي!