اسعد العزوني
جريا على عادته الحميدة التي تجمع ولا تفرق ،توحد ولا تقسم، تبني ولا تهدم ،تقرب ولا تبعد،تنشر الأمل في صحراء السراب ،يتحفنا الكابتن طيار يوسف الهملان الدعجة،صاحب صرخة القدس عاصمة فلسطين وهي تعبر أجواءها متوجها إلى أمريكا الداعم الأول والأكبر ،لمستدمرة الخزر الصهيونية الإرهابية الزائلة بإذن الله،بين الفينة والأخرى ،ويسجل سبقا ثوريا على كل من يتصدر الساحة من حزبيين ونشطاء ومستعرضين ،لأنه يقرن القول بالفعل،خدمة للقيادة والوطن ،وتعبيرا عن موقف الشعب الأردني الأبي،ترسيخا لتقاليد وأخلاق عشيرته الشماء الدعجة.
بعد صرخته فوق القدس التي هزّت عنان السماء قبل أن تصل إلى الأرض ،لتخاطب الجميع بأن لحظة النهوض لا تعوض،إذ كم من طيار عربي عبر أجواء القدس المحتلة وهو في طريقه إلى امريكا والغرب،لكن أحدا من هؤلاء لم يخطر بباله تذكير ركاب طائرته ومعظمهم من الصهاينة والأمريكيين المتصهينين،بأن القدس عاصمة فلسطين ،ليس لنسيان فرضه الله علينا ،بل خوفا من العقاب الأمريكي،وأتذكر أنني إتصلت بعدة طيارين عرب للإفادة حول قدرة الطائرات ودورها في جريمة إنهيار البرجين في 11 سبتمبر /أيلول 2001، لكن أحدا لم يلبي طلبي ،وبعضهم تبرع بالحديث شرط عدم ذكر إسمه في تقريري الصحفي،بينما النشمي الأردني إبن الدعجة هز وزلزل أركانهم في صرخته الخالدة ما دامت السموات والأرض قائمتين ،وهو في طريقه إلى عرين الصهيونية ووكرها.
بعد ذلك نظم مؤتمرا قوميا في بيته وجمع العديد من الشخصيات الأردنية والفلسطينية ،تلاه مؤتمر آخر على نفس النسق ،وكان ينجز أمورا تعجز عنها حكومات وأحزاب ،لكن همة الرجال وتفانيهم وإخلاصهم تفعل المستحيل،ما دام الأردن وفلسطين هما الهدف الأسمى،فمن يستطيع جمع الأردنيين والفلسطينيين والإسلاميين والمسيحيين والشيوعيين والقوميين والمستقلين في جلسة واحدة يسودها الحب والوئام ،وتخرج بالدعاء إلى الله ان يحفظ الأردن وقيادته الهاشمية ،ويطهر فلسطين من دنس الصهيونية؟
بالأمس فعلها النشمي الأردني إبن الدعجة ليضفي على عشيرته الكثير من الولاء والإنتماء لهذا الوطن وقيادته،بعيدا عن الشعارات والتسحيج ،فقد عقد جلسة مكاشفة في بيته كانت أشبه بمؤتمر وطني مصغر ،وإستضاف فيه كافة أطياف الوطن بالإضافة إلى ضيوف أعزاء من فلسطين،وجرى عصف ذهني علني مسجل إتسم بالواقعية والعقلانية ،وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على كياسة ووعي وولاء وإنتماء هذا الرجل ،الذي حول بيته إلى ركن أردني بهيج يخلو من الدسائس والهمس واللمز،وسجل أنه حقا بيت كل الأردنيين.
منذ سنوات وأنا أسمع الحزبيين والناشطين والمستعرضين الذين تسلموا مناصب حكومية رفيعة وكانوا صناع قرار ،لكنهم بعد خروجهم من المنصب تحولوا إلى مستعرضين ،يدعون شانهم شأن غيرهم إلى عقد مؤتمر وطني يناقش فيه أوضاع الأردن ويضع الحلول المناسبة ،وها هي عشر من السنين تنقضي دون ان يبادر أحد إلى عقد مثل هذا المؤتمر ،لكن النشمي إبن الدعجة فعلها دون منّة ،ولم يكن محسوبا على أحد ،لأنه أردني جاب طول الدنيا وعرضها وخبر مداخلها ومخارجها ،وهذه النوعية من الرجال هي التي يجب ان تكون في مكانها الصحيح ،لأنها تعمل من أجل الأردن وطنا حرا مستقلا سيدا.
جاء هذا المؤتمر الوطني المصغر في ظل اجواء فخر وفرح يعيشها الأردنيون ،بمناسبة عودة منطقتي الباقورة والغمر إلى حضن الوطن ،وكانتا من أهم محاور اللقاء ،وكان اللقاء أصلا إحتفاء بعودتهما إلى جانب تدارس الأوضاع في الأردن ،وإقتراح الحلول الممكنة ،وكانت العقلانية والشفافية سيدتا الموقف،ولذلك بدأ اللقاء وإنتهى بكل الحب والتقدير وإظهار صور الولاء والإنتماء،تعبيرا عن الوضع الطبيعي للشعب الأردني في حال كانت المعطيات سليمة.
يخيل لمن لا يعرف الرجل أن جهة ما تقف وراءه وتدفعه لمثل هكذا مبادرات ،لكنه وبعد التدقيق والتمحيص تجد أن الرجل فرد واحد أحد ،يدفعه ولاؤه وإنتماؤه لهذا الوطن وقيادته،وبالعكس فإنه يتحمل تبعات كثيرة كالمسؤولية عما يقال ،مع أن لقاءاته كما قلت تبدأ وتنتهي بالخير وعلى خير ،كما أنه يمول المناسبة من جيبه الخاص،فهو يكرم ضيوفه بالمناسف البلدية وبالكنافة النابلسية.
في اللقاء الأخير بالأمس تحدث مؤسس حزب الحياة وأمينه العام العام السابق السيد ظاهر عمرو ضمن من تحدثوا ،وروى حوارا جرى بين الكابتن الدعجة ووالدته بعد صرخته فوق القدس ،بعد وصوله إلى أمريكا،وأشادت به وعبرت له عن إعتزازها وفخرها به كونه ولدها ،ولكنها في الوقت نفسه حذرته من التراجع إنصياعا للضغوط الأمريكية ،وقالت له :في حال تراجعت عن موقفك فإنك لن تعود ولدي الذي أحب.
عموما فإن الكابتن الدعجة هو نموذج الرجل الأردني المنتمي وإبن العشيرة البار الذي يعمل من أجل قضيته ووطنه وأمته ويرفع رأس عشيرته ،في حين نرى أناسا لا تهمهم سوى مصالحهم الشخصية،يتسيدون الموقف دون وجه حق،ويسئون لجلالة الملك ويلحقون الضرر بمصالح الأردن،وينتمون إلى نادي الفساد الذي أصبح متجذرا في الأردن ،فأحدهم وقد كان مؤتمنا وجدوا أنه يخبيء في بئر ماء 40 مليون دينار،فمن أين لك هذا ياترى؟.