
د.حسام العتوم
الجنوح للسلام ، نهايات الحرب الاوكرانية وحلف ” الناتو ” مع روسيا الاتحادية العظمى ( 2014 – 2022 – 2025 ) ، مطلب روسي بقيادة الرئيس بوتين – و أوكراني غربي بقيادة الرئيس زيلينسكي ، و أمريكي بقيادة الرئيس ترامب ، و غرفة مراقبة و تدخلات مستمرة في شؤون الحرب و السلام شكلها الاتحاد الأوروبي بإسم القارة الأوروبية ، معتبرا ذاته بمثابة أم العروس في شأن الحرب و استمراريتها ، و الاقتراب من عقد سلام ليس مؤقتا كما تريد أوروبا ، و لكن دائم و بضمانات صلبة كما تريد روسيا ،وهي التي طبقت من أجل ذلك اتفاقية ” مينسك ” و لقاءات ” أنقرة ” . و يقود تدخلات الاتحاد الأوروبي رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر ، الأشد عداء لروسيا تماما كما كان على نفس النهج رئيس وزراء بريطانيا باريس جونسون ، المحرك الرئيس سياسيا و لوجستيا لحراك الثورات البرتقالية ولانقلاب ” كييف ” عام 2014 إلى جانب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن أيضا ،و بمشاركة مباشرة من طرف هانتر جو بايدن.
و الهدف بعيد المدى ليس المحافظة على استقلال أوكرانيا ، وهم من شجعوا على شن عدوان مشترك على المكون الأوكراني و الروسي في شرق و جنوب أوكرانيا لضمهم قسرا للعاصمة ” كييف ” ، و التسبب بداية في مقتل أكثر من 14 الف مواطن أوكراني و روسي . و أقنعوا قبل ذلك الرئيس الأوكراني السابق- بيترو باراشينكا – بالمماطلة في توقيع اتفاقية ( مينسك 2015) التي اشتركت فيها روسيا ، و أوكرانيا ، و بيلاروسيا ، و فرنسا ، و ألمانيا ،و مطالبة الرئيس زيلينسكي بتجميدها، ليتسنى لهم مجتمعين اضاعة الوقت حتى في مؤتمر ” أنقرة ” التالي، والذهاب للتخطيط الدائم لاستمرارية الحرب الباردة و سباق التسلح ، و محاولة اضعاف نهوض الدولة الروسية اقتصاديا و عسكريا ، و هو الذي لم يتحقق بوصول روسيا للمرتبة الأولى على صعيد عسكرة السلاح النووي ومنه البحري و الفضائي ، و على مستوى الحصول على المرتبة الأولى اقتصاديا على مستوى أسيا ، و الدرجة الرابعة في الاقتصاد عالميا بعد الصين ، و أمريكا ، و الهند . بينما نجت أوروبا و معها أمريكا في عهد الرئيس جو بايدن في تعطيل نظام ” سويفت ” الذي الحق ضررا بالغا في التواصل المالي بين القاطنين في روسيا و المتعاملين معها من الخارج ، و هو الأمر الذي ستعالجه روسيا – بوتين في اللقاء المرتقب بين الرئسين الروسي و الأمريكي قبل أو بعد لقاء ترامب مع السعودية بشأن الاستثمار بترليون دولار أمريكي .
وانقلب الرئيس الفرنسي – إمانويل ماكرون – على نفسه ، و هو المفاوض السابق المحايد و الموضوعي بين موسكو و كييف ، و أصبح يطلق تصريحات متعالية و عدوانية ضد روسيا مثل ( نشر قوات لحفظ السلام في أوكرانيا ليس شأنا روسيا ؟ ) ، بينما صرح قبله الرئيس الأمريكي ترامب بأن موضوع نشر قوات حفظ السلام على الحدود الروسية – الأوكرانية هو شأن روسي و أوكراني مشترك ، وهو الرأي و الموقف الذي رفضته روسيا لكي لا يتحول لمؤامرة على روسيا ذات الوقت . و بنفس الاتجاه انقلب المستشار الألماني – أولاف شولتس – على ذاته بعدما كان مفاوضا محايدا بين روسيا و أوكرانيا ، و أصبح معاديا لروسيا أيضا ، و يطالب أوروبا بعدم التسرع برفع العقوبات الاقتصادية عن روسيا مبكرا ، لأن في مثل هكذا خطوة حسب تعبيرة تشكل خطورة استراتيجية غير مبررة .و مطالبة زيلينسكي بربط السلام بالأقتراب من ( الناتو ) غير مشروعة ، رفضها بوتين ، و ترامب ، وكانت سببا للحرب .
و 27 دولة تمثل الاتحاد الأوروبي تحولت لغرفة عمليات دائمة العمل مدار الساعة لكسب حرب أوكرانية ، وشكلوا معا و أمريكا – بايدن مظلة القيادة لها و سببا رئيسا لاندلاعها . و لديهم رغبة إلى جانب نظام ” كييف ” ، وهم الخاسرون للحرب ، بأن يخرجوا منها منتصرين على روسيا ،وهو الذي لن يتحقق ، و مجرد سراب . و يتناسى الاتحاد الأوروبي و معهم العاصمة ” كييف ” درس اعتداء اليابان على الاتحاد السوفيتي – بقيادة روسيا الاتحادية عام 1945 نهاية الحرب العالمية الثانية وخسرانها جزر الكوريل الأربعة ( كوشانير ، إيتوروب ، صخور هامبيو ماي ، شيكوتوتان ) إلى الأبد . و في موضوع الحرب الأوكرانية ، فإن نظام (كييف) البنديري المتطرف هو من أشعل الحرب و بالتعاون لوجستيا مع الغرب الأمريكي حينها ، ومع اللوجستيا البريطانية و الأمريكية بداية و تحديدا ، و أصبح مطالبا بقبول سلام الأمر الواقع أمام روسيا المنتصرة و التي لم تبدأ الحرب ، وهي حقيقة .
الحرب الأوكرانية – قرار لنظام ” كييف ” العاصمة المحسوب على التيار البنديري المتطرف ، و هو مشترك مع بريطانيا – باريس جونسون ، و الولايات المتحدة – جو بايدن من وسط انقلاب ” كييف ” 2014 ، واجهته روسيا بفتح ملف اتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، و بالارتكاز على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي تخول للدولة المعتدى على سيادتها الدفاع عن نفسها ، و بواسطة عملية عسكرية إستباقية ، دفاعية ، تحريرية عام 2022. وهو الأمر الذي صعب و يصعب على الدول الغربية ( المتحضرة ) استيعابه ، و عملوا معا في المقابل على قلب معادلة الحرب و اتهام روسيا بالاعتداء على أوكرانيا و احتلالها ، وهو محض سراب و خديعة . و الأراضي التي حررتها روسيا ( القرم ، و الدونباس ، و زاباروجا ، و خيرسون ) هي روسية الأصل ، و الروس يطلقون على أوكرانيا لقب ” روسيا الصغيرة – هدية لينين ، و ستالين ، و خروتشوف . و الاتحاد الأوروبي في المقابل ليس جهة قانونية دولية أو سيادية ناطقة بإسم أزمات العالم ، وهو غير ممثل في مجلس الأمن على شكل هيئة ما عدا دولة فرنسا منفردة ،و لا يحق للاتحاد التوصيت حتى في مجلس الأمن . و الأصل إحالة موضوع الحرب على مجلس الأمن الذي يمثل ( الصين ، و فرنسا ، و الاتحاد الروسي ، و المملكة المتحدة ، و الولايات المتحدة ) ، و هو تجمع لكبريات الدول النووية في العالم .ومن غير المقبول أن يلعب الاتحاد الأوروبي دورا أ لأم العروس في الحرب و السلام الذي
يحشر أنفه فيه مع كل شاردة وواردة ، و في كل زاوية .
اللقاء الروسي – الأمريكي الأول في المملكة العربية السعودية ، و المكالمة الهامة الطويلة التي أجراها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية العظمى دونالد ترامب مع رئيس روسيا الاتحادية العظمى فلاديمير لينين ، ومع رئيس غرب أوكرانيا فلاديمير زيلينسكي ،و لقاء خبراء روسيا و أمريكا في السعودية ، كلها لعبت دورا كبيرا في دفع عجلة السلام الروسي – الأوكراني إلى الأمام و ترطيب العلاقات الروسية – الأمريكية . و تصريح الرئيس بوتين بضرورة تشكيل قيادة إدارية جديدة خارجية لأوكرانيا بهدف إجراء انتخابات رئاسية أوكرانية و لتتمكن من توقيع السلام مع روسيا و تحت مظلة الأمم المتحدة لم تعني لروسيا تدخلا في شؤون أوكرانيا ، و إنما بحثا عن علاج لأزمة النظام الأوكراني الحالي المنتهية ولايته و غير القادر ميدانيا على توقيع السلام المنشود بسبب انتهاء صلاحيته . و تخوف مقابل من أن يعبث الاتحاد الأوروبي بأوراق العلاقات الروسية – الأمريكية الجديدة ،و ارتياح لها في المقابل من قبل مبعوث أمريكا لروسيا ستيف ويتكوف الذي نقل للرئيس ترامب صلاة الرئيس بوتين من أجل سلامته بعد حادثة محاولة اغتياله ، و حمل له صورة لترامب رسمها فنان روسي بإيعاز من بوتين. والمطلوب من روسيا تطوير العلاقات الاقتصادية مع أمريكا وعلى مستوى التبادل التجاري المتراجع عن الرقم 277 مليون دولار الضئيل جدا أصلا . و دعوة الرئيس الأمريكي ترامب لحضور العرض العسكري الثمانين في الساحة الحمراء في موسكو بتاريخ 9 أيار2025 ، إلى جانب ملك بريطانيا تشالرز الثالث، خطوة روسية ستكون هامة في مجال العلاقات الدولية و مع الغرب ، خاصة و أن أمريكا و بريطانيا اشتركتا في الحرب العالمية الثانية إلى جانب الاتحاد السوفيتي المنتصر فيها بقوة ملاحظة بعد رفع علمه فوق الرايخ الألماني النازي – البرلمان وسط برلين عاصمة ألمانيا حينها عام 1945 . دعونا معا نراقب المشهد الدولي من وسط منطقتنا العربية وندعو الله ليتحقق السلام فوق كوكبنا الذي نعيش فيه.