د.حسام العتوم
إنجاز – في الوقت الذي تؤكد فيه موسكو – بوتين عدم بدء الحرب الأوكرانية من طرفها ، تواصل العاصمة ” كييف ” – زيلينسكي التأكيد بأنها لم تبدأ الحرب ،و تصر على ( عدوانية روسيا و احتلالها لأوكرانيا ؟! ) . ولم تذهب روسيا الى الحرب من دون هدف بطبيعة الحال ، و تطلق عليها مصطلح ( العملية الروسية الخاصة الدفاعية التحريرية الإستباقية ) منذ انطلاقتها بتاريخ 24 شباط 2022 دفاعا عن المكون الأوكراني – الروسي الديمغرافي ، وعن سيادة أوكرانيا ، ولكي لا تجير لأهداف غربية – أمريكية ذات علاقة بالحرب الباردة و سباق التسلح ،و استنزاف روسيا و أوكرانيا معا ، و الزحف بالناتو صوبهما ،و اقتلاع الأسطول الروسي النووي من مكانه في البحر الأسود و استبداله بالأسطول السادس الأمريكي ان أمكن ذلك . والعين الروسية على اجتثاث التطرف .
و حرب نظام العاصمة ” كييف ” السياسي بدأت مع شعبه الأوكراني و مع الديمغرافيا الروسية بهدف ضم شرق و جنوب أوكرانيا قسرا للعاصمة ” كييف ” ، و تسببت في مقتل و تشريد أكثر من 14 الفا ،و قبلت بتعاون الغرب الأمريكي معها انطلاقا من الثورات البرتقالية 2007 و حتى انقلاب ” كييف ” 2014 ، و استمر التحرش الأوكراني الغربي ومع الغرب بكل ما يربط العلاقات التاريخية الأوكرانية – الروسية عبر نشر مراكز بيولوجية خبيثة ،و أكثر من قنبلة نووية ، و التطاول على خط الغاز ” نورد ستريم 2 ” ، و على جسر القرم ، و على الصحفيين الروس ، و على المناطق الحدودية الروسية . و لازال التطاول الأوكراني على التجمعات السكانية الروسية مستمرا و أخره على شواطيء ” سيفاستوبل ” البالغ تعداد سكانها أكثر من نصف مليون نسمة ، و هي من أكبر مدن القرم .
و الهجوم الصاروخي الأوكراني الأخير على القرم تم بإستخدام صواريخ أمريكية الصنع ، الأمر الذي يؤكد ضلوع أمريكا بالتطاول على سكان روسيا المسالمين بغض النظر عن قراءات أوكرانيا ” كييف ” السيادية ، وليس على الجيش الروسي وجها لوجه مثلا . وهنا نقول بأن حرب ” كييف ” و ” وواشنطن ” خاسرة ،ولا مجال للمقارنة بين قوة روسيا العسكرية و التى هي عظمى مع قوة أوكرانيا العاصمة و حتى في ظل الدعم الأمريكي العسكري و المالي غير الموفق . لذلك نقول للجانب الأوكراني الغربي و للغرب الأمريكي ، تماما كما يقال باللهجة العراقية ” خسارات ” .
و يقابل ذلك عدم نجاعة العرض الأوكراني الغربي للسلام مع روسيا ، وهو الطرف الخاسر في المعركة ، بمطالبتها بالعودة الى حدود عام 1991 ، و هو الذي لم يرد من طرفها في مؤتمر سويسرا الأخير هذا العام الى جانب تحريض الغرب على ديمومة الحرب و التمسك بشروط لا تقبل بها موسكو . و ان الأوان للعالم أن يستوعب استراجية روسيا السياسية و العسكرية التي ترتكز على قاعدة عدم الاعتداء على أي طرف خارجي ، و في حالة الاعتداء عليها ، فإنها لا تتراجع عن المناطق التي تسيطر عليها وهي منتصرة . ومكالمة هاتفية جرت حديثا بين وزيري دفاع روسيا أندريه بيلاوسوف و أمريكا لويد أستن ضمن الخط الساخن المتاح بين البلدين العظميين اللذان يمثلان خطان متوازيان – احادية القطب و تعددية الأقطاب ،و بينهما مسافة طويلة من الحرب الباردة و سباق التسلح . ولكل طرف روسي أو أمريكي موقف من الحروب و الأزمات الدولية و في مقدمتها الحربان في أوكرانيا و في غزة .
روسيا التي أعرفها عن قرب لا تستهدف في الحروب التي تفرض عليها الشعوب ، بينما نلاحظ بأن أمريكا تنتهج اسلوبا معاكسا ، وما جرى في اليابان ، وفيتنام ، و كوسوفو ، و العراق ، وغزة مشهد اخر لامس حياة بسطاء الناس . ففي الحرب الأوكرانية ابتعدت روسيا عن استهداف الأوكران و لا زالت تعتبرهم جيران و أخوة ، و تعاملت مع أطفالهم بقصد حمايتهم . ونعم تقع الأخطاء العسكرية هنا و هناك ،لكننا نلاحظ كيف تعمل أمريكا على مساعدة ” كييف ” في قصف السكان و السياح الروس في المناطق الحدودية و الساحلية و هو أمر غير مقبول .
ارتكازات روسيا في حربها الأوكرانية واضحة و يصعب على الغرب فهمها ،و هو المتمسك بسيادة أوكرانيا و القانون الدولي من زاوية الحرب الباردة و سباق التسلح . ولقد عادت روسيا لأوراق تفكك الاتحاد السوفيتي 1991 ، و لاتفاقية 2022 ، و تجاوزت رفض ” كييف ” لأتفاقية مينسك ” وللحوار مع روسيا ، ومضت تبحث عن السلام . و الأخطر في الحرب الأوكرانية هو تدخل الغرب و خاصة أمريكا ، و الأكثر خطورة أن تتحول الحرب الأوكرانية تظليلا الى نواة لحرب عالمية ثالثة نووية الطابع تكون مدمرة للحضارات و البشرية . و لم يثبت العلم في المقابل وجود حياة للبشرية على الكواكب الأخرى ، وهو ما يتطلب من المجتمع الدولي المحافظة على حياة البشرية جمعاء.