فارس الحباشنة
من المفارقات الساخرة والمدهشة ان كل شيء في العالم العربي لم يعد طبيعيا الا اسرائيل.و من مفارقات الصراع العربي- الفلسطيني-الاسرائيلي ان العرب في حروبهم مع اسرائيل من 1948 الى 1973 فقدوا 55 الف شهيد، من بينهم 22 الف شهيد مصري. وفيما فقد العرب في حروب ما بعد السلام العربي مع اسرائيل، والحروب العربية- العربية والحروب العربية -الاقليمية مليونان و19 الف قتيل.
و الكلفة البشرية لحروب ما بعد السلام العربي-الاسرائيلي: حرب الخليج الاولى 59 الف قتيل، والحرب الاهلية في العراق 51 الف قتيل، والحرب الاهلية السودانية 112 ألف قتيل، وحرب اسقاط صدام حسين 110 ألف قتيل، وحرب اليمن 100 ألف قتيل، والحرب العراقية- الايرانية 200 الف قتيل، وحرب لبنان الاهلية 100 ألف قتيلا، واحداث حماة في سوريا بين النظام والاخوان المسلمين 20 الف قتيل.
و خذوا مفارقة اخرى في الصراع العربي /الاسرائيلي، الحروب العربية ضد اسرائيل كلفت ميزانية دول المواجهة مليارا دولار،وذلك ثمن اسلحة وتجهيز جيوش، وغير ذلك من اللوجسيتة العسكرية، فيما كلفت حروب السلام والضياع العربي 500 مرة واكثر من حروب اسرائيل.
اليوم، ميزانية الدفاع في دولة عربية واحدة وانفاقها على الجيش والتسلح توازي كلفة الحروب العربية من 48 الى 73 ضد اسرائيل. انفاق جنوني وعبثي ومهول، واخبار في الاعلام غير لا تنقطع عن صفقات عربية لشراء احدث الطائرات والبوارج والمضادات الصاروخية الحربية والعسكرية الغربية.
ببساطة، فان معادلة الصراع العربي /الاسرائيلي انقلبت، فإسرائيل من كيان منبوذ ويبحث عن اعتراف وخطة زرع مضافة على سايكس بيكو، تحول الى معترف به سرا او جهرا. ولكن الاهم بالواقع ليست مشكلة الاعتراف من عدمه او التعامل مع اسرائيل على انها دولة او كيان مغتصب ومحتل، ولكن في عقلية التعامل مع اسرائيل وكانها لم تعد عابرة وزائلة، ولتبدو الدولة الوحيدة في الاقليم في حصنها الحصين، والمستقرة وسط محيط من العبث واللامنطق واللاقانون، واشباه الدول.
السياسة الامريكية الراعية للسلام، انهت الصراع والحروب العربية والاسرائيلية. وانتجت متواليات لحروب ما بعد السلام، حروب الوكالات.. عربية -عربية وحروب اهلية وحروب عربية -اقليمية، والنسخة الاخيرة من حروب الاقليم بطبعة طائفية واثنية، وحروب الهويات الفرعية القاتلة، وكما شهدت سورية والعراق واليمن والبحرين ولبنان المضطرب والهائج في موج رياح الانهيار والفوضى.
فهل المنطقة عربية ام اسلامية طائفية دينية؟ الدولة الوطنية نتاج ما بعد الاستقلال انهارت وفشلت. وهذه البلدان ليست دولا، قبائل وطوائف، دينية ومؤسساتية، ومشاريع تحت الانشاء، تتصارع لترث ارضا من تركة الاحتلال والاستعمار الاجنبي.
الشرعية السياسية في العالم العربي لم تعرف بعد. ومازالت انظمة سياسية والتي تحولت اى موميات وتحكم على مقاعد العجزة ترفض الديمقراطية والحاكمية الرشيدة، وترفض فكرة «الشعب الحر « ومبدا تناوب وتداول السلطة، وترفض العدالة الاجتماعية، وتطبيق مباديء الديمقراطية الاجتماعية.
في منظور انظمة سياسية رسمية فان كل الشعوب عاجزة وغير مؤهلة، ويدفعون بنظرية القدر والحتمية. تركوا اسرائيل، واخرجوها من قاموس المواجهة والتحدي والصراع. امريكا نقلت صراعها الاستراتيجي الى شرق اسيا حيث الصين والدول المطلة على المحيط الهادي، وفقد الشرق الاوسط الكثير من اهميته في النظام العالمي، وبعدما نجحت في حماية اسرائيل، وانتجت حروبا بالوكالات، واخلاء الاقليم من اي قوة تشكل خطرا على امن ووجود اسرائيل، وانتجت حروبا وصراعات داخلية وبنية، وروجت في الخيال السياسي الوجودي العربي -السني للوحش الايراني.