علاء القرالة
التعبير الذي شبه به وزير المالية الدكتور محمد العسعس حال اقتصادنا خلال مقابلته مع مبادرة حوار التمكين الأطلسي وقال فيها «ان التحدي الذي يواجهنا اليوم هو الانتقال من وضع البقاء على قيد الحياة إلى الازدهار»، تعبير اقل ما يقال عنه بسيط جدا أمام ما واجهه الاقتصاد الوطني على مدار الثلاث سنوات الماضية من كورونا وصولا الى الحرب الروسية الاوكرانية.
نعم الاقتصاد الاردني ولمن لا يعلم عانى طيلة تلك السنوات وجاهد وناضل بكافة قواه للبقاء على قيد الحياة بعد منعطفات خطيرة كادت ان تعصف به الى مراحل اقل ما يقال عنها موت سريري ان جاز التعبير والتشبيه، فلولا الاجراءات الحكومية الكثيرة والجهود الجبارة المبذولة لما كان حال اقتصادنا اليوم كما هو عليه الآن، فمن مرحلة راهن الجميع على عدم صمودنا وقدرتنا على تجاوزها وصولا لمرحلة بدأنا نتلمس فيها مؤشرات التعافي بكافة القطاعات وبنتائج لربما افضل بكثير مما كانت عليه قبل كورونا والحرب الروسية الاوكرانية التي فاجأت العالم وهزت اقتصاديات دول من حولنا والعالم، وفرضت عليهم ما لم نعشه نحن على الاطلاق من انقطاع في السلع وارتفاع الاسعار وارتفاع معدلات التضخم.
ما لم يقله العسعس ولا يعرفه الكثيرون، إن الحكومة الحالية ومن قبلها جاهدوا واستدانوا ليواجهوا اغلاقاً كاملاً لثلاثة شهور والابقاء على استمرارية صرف الرواتب لموظفي الدولة واستحداث برامج لتعويض من تقطعت بهم السبل عبر برامج استدامة وغيرها من البرامج بالاضافة الى مضاعفة المبالغ المرصودة للاستيراد ودعم المستوردين بحزم من الاجراءات لدعم جهود استمرارية سلاسل التوريد دون انقطاع، بالاضافة الى صرف مبالغ اضافية للقطاع الصحي الذي واجه ضغطاً كبيراً وكلف مبالغ تعادل اضعاف ما كان يصرف عليه وكذلك تأمين المطاعيم وكذلك العديد من الاجراءات عبر البنك المركزي لاستمرارية قوة القطاع المصرفي ومتانته والحفاظ على قوة العملة الوطنية مقابل صرف العملات الاخرى، وغيرها الكثير من الاجراءات التي لولاها لما كان حالنا عليه اليوم.
مليارات الدنانير انفقتها الحكومة من اجل البقاء على اقتصادنا على قيد الحياة وصولا الى مراحل تعافٍ اقتصادي الكل منا يلمسها ويعيشها، فالمملكة لديها اقتصاد ناشئ وليس لديها من الثروات والمخزون المالي الذي قد يساعدها على تجاوز تلك التحديات، غير ان التخطيط السليم والارادة ساهما بشكل مباشر بتحقيق هذه النتائج وعلى ذلك الكثير من الادلة لذوي الالباب فمن منا لم يشاهد اقتصاديات العالم واسواقها وما حدث ويحدث بها في كل يوم، فلماذا لا نسجل لاقتصادنا نقاطا ايجابية مقابل ما استطاع ان ينأى به عنا ويجنبنا السقوط فيه؟، ولماذا ليس لدينا ايمان في قدرتنا؟، ولماذا لا تقارنون ما يحققه اقتصادنا بامكانياته التي يمتلكها دونما تشبيه باقتصاد دول نفطية او صناعية كبرى ولكم ان تشاهدوا ما يحدث بها؟
نعم اقتصادنا توقف قلبه مع دخول كورونا وتوقف عن النبض شهورا وما كان ليستفيق منها لولا الكثير من الاجراءات التي ينكرها الحاقدون وكانت له بمثابة صدمات كهربائية سرعان ما تجاوب معها جسدنا الاقتصادي، لتعود كافة مؤشراته للانتظام وصولا الى مرحلة الاستقرار تمهيدا لخروجه من هذه الوضعية الى وضعية يكون فيها قادرا على تحقيق المزيد من الانجازات وفق رؤية اقتصادية طموحة اولها وآخرها يهدف الى تخفيف البطالة وجذب الاستثمارات وتحسين الجودة، فالعسعس لم ينكر الحقيقة ولكنه لم يعط كامل تفاصيل الحالة.