د. سامي الرشيد
العلاقات العربية مع المجاورين
التغيرات في المنطقة سريعة والتحالفات متعددة والارتباطات متنوعة ,ولا توجد صورة كاملة محددة لمشهد ثابت في المنطقة ,اذ ان سرعة التغيير وتداخل الاحداث ادتا الى حالة من السيولة في المواقف المختلفة على نحو دخل بها الى مرحلة الاستقطاب الاقليمي .
كل من ايران والسعودية وتركيا واسرائيل لها دور نشط في المشرق العربي ,اما بقية الدول العربية فهي في حالة ترقب مزدوج لانها تراقب ما يدور حولها ,وفي الوقت ذاته تمضي في ظل ظروف داخلية تجعل الآخرين يترقبون ما تسفر عنه الاحداث المتراكمة فيها بعد خمس سنوات ونيف من الثورات والاضطرابات والتغييرات ,كما هو الحال في في ليبيا والمغرب العربي فالمشهد يحمل اسبابا للقلق والتوتر.
لما كانت الامور كلها متشابكة ومعقدة فالامور التالية بحاجة لتوضيح :
1-ان المنطقة العربية واقليم الشرق برمته يدخل الآن مرحلة حاسمة نتيجة للصراعات الدولية والتحالفات الاقليمية .
هناك تفاهم بين الامريكان والروس على تقسيم غنائم المنطقة ونفطها فتأخذ امريكا نفط العراق وتأخذ روسيا نفط وغاز سوريا وموطأ قدم على البحر المتوسط الذي تحلم به لمرورها للمياه الدافئة منذ فترة طويلة .
2- تحاول ايران تقسيم العالم العربي فتأخذ تحالفات مع سوريا الاسد وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن لمواجهة التيار العربي السائد في المنطقة ليصبح الصراع عربيا فارسيا وليس سنيا شيعيا .
3-اما تركيا فلها اطماع في المنطقة وتحاول العودة للدولة العثمانية ولكن بالموافقة على تقسيم المنطقة واضعافها اولا .
4-ان موجات الارهاب التي تضرب المنطقة هي بدعم من الدول العظمى حتى لا يقوم للعرب قائمة
وتبقى اسرائيل الدولة القوية في المنطقة .
5-اجهضت نتائج ثورات الربيع العربي وتحولت عن مسارها واستشرى الفساد والاستبداد ولم تحقق الغاية التي قام بها الشرفاء .
لابد ان نعمل لتوحيد جهودنا والابتعاد عن سيطرة الدول العظمى ولا نسمح لهم بتفتيتنا ونعرف لماذا نعمل .
نعمل لان الاشياء التي نريد حيازتها تحتاج الى عمل لانتاجها او لتحويلها بوسيلة من الوسائل الى سلعة او خدمة يرغب الناس في الحصول عليها .
الحاجات المعيشية اليومية من مشرب ومأكل ومسكن والتكاليف الاخرى التي اصبحت شبه ضرورية من ماء وكهرباء وغاز ووقود وسائل تواصل لا تأتي جاهزة لا من السماء ولا من الارض ,وانما لا بد من جهد لجعلها شيئا يريد الناس استخدامه او حيازته .
لبذل الجهد او العمل ثمن , اذ انه يتم على حساب الراحة او عمل شئ آخر بما فيه الهوايات الشخصية اي لا بد من مقابل ولذلك نعمل للحصول على اجر او نحفر ونطم للحصول على دخل بطرق غير مباشرة والمنتج ايضا مستهلك ,ولذلك لا بد من التبادل اما بين مجموعة في مجتمع واحد او بين بلد وبلد آخر بين ماتنتجه دولة وتحتاجه دولة اخرى حتى تتغطى حاجات البلدان وتستقر وتنعم .
ان الطبيعة البشرية تملي علينا ان يحاول كل فرد سوي ان يظفر بكل مايستطيع الظفر به من اشياء يرغب في الحصول عليها سواء كانت مادية بحتة او معنوية ,كالمكانة الاجتماعية او الجاه او السمعة الحسنة او غيرها باقل حهد ممكن او الراحة التامة بلا جهد .
فلا حدود لما نود الحصول عليه وفي الوقت ذاته قدرتنا على بذل الجهد او العمل هي محدودة ,قيصبح المرغوب فيه اكثر من المتوافر بما في ذلك المرغوب فيه اجتماعيا .
قال المتنبي :
لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والاقدام قتال
لا بد من جهد او مشقة لاي عمل ولا بد من العمل حتى للحصول على وسائل المعيشة .
الناس في كل مكان سواء كان المجتمع يخضع لقوانين اجتماعية محلية بحتة ,يتنافسون ليحصل كل فرد او مجموعة على ما ترغب في الحصول عليه ومهما كان المجتمع ثريا يوفر دخولا بحيث تكفي لحصول كل فرد على ضرورات المعيشة اليومية ,فلم يسبق ان وصل مستوى الثروة في اي وقت الى درجة منح كل فرد كل ما يرغب في الحصول عليه .
هذا ما يسمى بالندرة النسبية لكل مرغوب فيه وكل مطلوب ,اي ان المطلوب دوما اكثر من المتوافر لكل فرد مهما بلغ متوسط دخل الفرد من ارتفاع ,فتوفير المرغوب فيه لكل من يريده يحتاج الى جهد او عمل والعمل ما هو الاثمن غير مباشر يؤديه البشر للحصول على اشياء اخرى يرغبون في استخدامها او امتلاكها .
فان عمل كل منا عمله واتقنه فان ذلك ينعكس ايجابيا على المجتمع ككل ويبعد اختراق الآخرين لمجتمعنا ويحول دون السيطرة على مقدراتنا والعبث بموجوداتنا .